بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3097)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
تنازلتِ امرأةٌ عن ثُمنها من الميراثِ لبعضِ أولادِها، وحرمت منه الباقين، فما حكم هذا التنازل؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الهبةَ لبعضِ الورثةِ دونَ البعضِ، إذا كانَ الغرضُ منها حرمان بعضِ الورثة والإضرارَ بهم، فإنها تكره؛ لمخالفتها قصدَ الشارع من قسمة الميراث بالعدلِ، قال تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ﴾ [النساء:11]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله، واعدلوا في أولادكم) [البخاري:2587،ومسلم:1623]؛ ولكن إذا لم يكن الغرضُ من الهبة هو الإضرار، وإنما مراعاةً لحالة الموهوب له، أو برِّه وإحسانه؛ فلا حرج فيها، وهي داخلة في العدل والإحسان الذي أمر الله تعالى به، وفي البيان والتحصيل: “وسئل مالك: عن الرجل يكون له ولد فيبره بعضهم، فيريد أن يعطيه من ماله دون بعض، أذلك له؟ قال: نعم، لا بأس به، ذلك له. قال محمد بن رشد رحمه الله: إنما أجاز مالك أن يعطي الرجل العطية لمن يبره منهم؛ لأنه لم يقصد بذلك إلى تفضيل بعض ولده على بعض، وإنما أعطى البار جزاءً على بره، وحرم العاق أدبًا لعقوقه، فلا مكروه في ذلك إن شاء الله، وإنما المكروه أن يفضل بعض ولده على بعض، فيخصه بعطية؛ مخافةَ أن يكون ذلك سببًا إلى أن يعقّه الذي حرمه عطيته، أو يقصر فيما يلزمه من البرِّ به” [400/13]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
غــيث بن محمـــود الفاخـــري
نائب مفتي عام ليبيا
25/المحرم/1438هـ
26/أكتوبر/2016م