ما حكم مخالفة النظم واللوائح بسبب تأخر الرواتب؟
الضرر لا يُدفع بالضرر
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4701)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
يتهرب بعض موظفي شركة خ ط ج ل من الدوام بأخذ إجازاتهم السنوية -نتيجة لعدم تقاضي مرتباتهم لمدة تزيد عن أربعة عشر شهرا- والالتحاق بمؤسسات أخرى منافسة بمجال ط للعمل فيها، دون إذن من الإدارة، وهذا أمر مخالف للوائح العمل، حيث يُشترط عند منح الإجازة حظر العمل أثناءها، إلا بعد الحصول على موافقة كتابية من إدارة الشركة، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الواجب على موظفي أي مؤسسة، الالتزامُ والتقيد بالنظم واللوائح المعمول بها داخل المؤسسة التي ينتسبون إليها، مما لا يخالف الشرع؛ لأنه منظور فيها إلى تحصيل المصلحة العامة ما أمكن، ودفع المفسدة عنهم، ، كما أن الواجب على أرباب العمل من مؤسسات حكومية أو غير حكومية من الشركات الخاصة والعامة، كشركات ط أو غيرها أن تدفع المرتبات للعاملين بها في آخر كل شهر حسب الاتفاق، ولا يجوز التأخير عن الوقت المحدد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (قَالَ اللَّهُ: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ) [البخاري: 2227].
عليه؛ فإذا كانت الدولة مثلا تمنع ازدواجية العمل لدى جهة أخرى إلا بإذن، لمصلحة اقتضت ذلك؛ فلا تجوز مخالفة النظام بالتعاون مع جهة أخرى؛ لقول الله تعالى: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ) [المائدة: 1]، ولقوله تعالى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) [الإسراء: 34]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) [أبوداود: 3594]، كما يجب على المسؤولين أن يتقوا الله، ويوفّوا الموظفين حقوقهم كاملة، إذا هم وفّوا عملهم حقه، فإنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول: (اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ أَمْرَ أُمَّتِي فَرَفِقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ) ]مسلم: 1828[، وعلى الموظفين أن يتخذوا من الإجراءات كلّ الوسائل للحصول على حقوقهم التي يكفلها لهم القانون بما لا يضر مصالح المؤسسة، ويعود ضرره على عامة الناس؛ فإن الضرر لا يدفع بالضرر، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
03//ربيع الآخر//1443هـ
08//11//2021م