طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالوقف

ما حكم مخالفة شرط الواقف في الأرض المحبسة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3030)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

جاء في وثيقة تحبيس زاوية الشيخ عمار بمنطقة تاجوراء ما يلي: (حبس الشيخ المرحوم الحاج محمد عمار الزاوية الكائنة بديار ريان من بلد تاجوراء؛ رغبة منه في ثواب الله تعالى، شطر السانية مع شطر الجنانين الذي بها من شطر ما بهم من نخيل وأشجار على الشركة والإشاعة مع ابنيه سيدي الحاج محمد وسيدي عبد الرحمن الكائن مكان ذلك في تاجوراء بالحدود المذكورة في الوثيقة، حبس المذكور ما حبس جميع ما ذكر على الزاوية المذكورة على أن تصرف غلة ما ذكر نصفها للشيخ الذي يقرئ بها الدرس بشرط أن يكون من أهل الطريقة الناصرية المؤسسة قواعدها على السنة المحمدية وإلا فلا، والنصف للطلبة المهاجرين بها سواء لقراءة القرآن أو العلم وللمؤدب بها معهم، يقسم على سبعة أجزاء: السبع للمؤدب، والستة أسباع للطلبة، يقسموهم على عدد الرؤوس، وإن لم يكن بالزاوية طلبة مهاجرين، يباع نصيبهم من الغلة، ويشترى بثمنه عقار يكون وقفا للطلبة والمؤدب كما ذكر، إلى أن يأتوا إليه أهله ويستغلوه، وان كان بالزاوية طالب واحد مهاجر كان له جزء من السبعة، وهكذا إلى أن يتعدوا السبعة أجزاء يكون على عدد الرؤوس قلوا أو كثروا، وهكذا حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين، وكذلك حبس المحبس المذكور على الزاوية جميع ما يملك من الكتب المذكورة في الوثيقة يقري بهم المدرس بالزاوية المذكورة، وينظر فيهم من يأوي إليها ويهاجر بها من أهل البلد، ولا يخرجها من هو متولي أمرها من الزاوية المذكورة، حبس المحبس المذكور جميع ما ذكر على ما ذكر على التفسير المذكور حبسا مؤبدا لا يباع ولا يشترى). انتهى بتصرف.

فهل يجوز تحويل هذه الخلوة إلى مسجد؟ علما بأنها تقام فيها الصلوات الخمس منذ سنين، وتعاملها الأوقاف على أنها مسجد، وليس في ملفها عند الأوقاف ما يثبت كونها مسجدًا، بل زاوية لتعليم القرآن والعلوم الشرعية، ويوجد قريبا منها أرض فضاء، موقوفة على الزاوية نفسها، يمكن بناء مسجد عليها.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالواجب اتباع شرطِ الواقف في الأرض المحبسة، فلا يجوزُ مخالفته؛ لأن شرط الواقف كنص الشارع، إلا إذا خالف الشرع؛ قال الله تعالى: (فَمَنم بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة:181]، قال المواق رحمه الله: “(واتبع شرطه إن جاز)، قال ابن الحاجب: مهما شرط الواقف ما يجوز له اتبع، كتخصيص مدرسة أو رباط أو أصحاب مذهب بعينه” [التاج والإكليل:649/7].

وعليه؛ فلا يجوز تغيير هذا الحبس بتحويله إلى مسجد، خاصة وأن الصلوات الخمس تقام بالزاوية، وحاجة الناس اليوم إلى المدارس والمعاهد العلمية الشرعية، التي تخرج العلماء، أكثر من حاجتهم إلى مسجد، فالمتعين إحياء هذا الحبس باستثمار الأرض الموقوفة على الزاوية، وإحيائها، وصرف الريع على الطلبة والمدرسين، وبناء عمارة سكنية للطلبة، ونحو ذلك؛ لتؤدي الزاوية دورها كما أرادها المحبس في نشر العلوم الشرعية، التي قَلَّ الاهتمام بها من قبل الحكومات المتعاقبة على هذا البلد، ويجب الرجوع إلى الجهة المخولة من قِبل الدولة – وهي هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية – لتراقب القائمين على نظارة هذا الوقف، وصحة عقد استثماره، وملاءمته، وعدم المحاباة فيه، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

أحمد محمد الكوحة

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

05/ذو القعدة/1437هـ

08/أغسطس/2016م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق