ما حكم من قال لزوجته: (تعتبري مطلقة، تعتبري محرمة عليّ)؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3946)

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

حصل سوء تفاهم بيني وبين زوجتي، وقلت لها عن طريق الهاتف: أنت طالقٌ طالقٌ، وبعد ذلك أرجعتها، وأفتاني بعض الشيوخ بوقوعها طلقة واحدة، ثم حصل بعد ذلك سوء تفاهم، فقلت لها: (أنت تعتبري مطلقة تعتبري محرّمة عليَّ)، ومن ثَمَّ أرجعتها عند محرر عقود بعد شهرين؛ فهل يعتد بهذه الرجعة؟

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فإن لفظة: (تعتبري مطلقة، تعتبري محرمة)، يلزم بها طلقتان، الأولى رجعية، والثانية التي بلفظ (محرمة) تلزم بها طلقة واحدة بائنة بينونة صغرى، وهي رواية عن مالك رحمه الله [انظر تفسير القرطبي: 18/180]، وجاء في معيار الونشريسي رحمه الله: “وَسُئِلَ ابْنُ الصَّبَّاغِ رحمه الله عَمَّن قَالَ لِزَوْجِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا، هِيَ مُطَلَّقَةٌ مُحَرَّمَةٌ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ سُئِلَ عَن نِيَّتِهِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: مَا نَوَيْتُ شَيْئاً، وَإِنَّمَا ذَلِكَ قَوْلٌ جَرَى عَلَى لِسَانِي مِن غَيْرِ نِيَّةِ شَيْءٍ، فَمَاذَا يَلْزَمُهُ فِي هَذَا الْقَوْلِ؟ فَأجَابَ: يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ، طَلْقَةٌ بِقَوْلِهِ مُطَلَّقَةٌ، وَطَلْقَةٌ بِقَوْلِهِ مُحَرَّمَةٌ … وَالْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي لَفْظِ التَّحْرِيمِ الْيَوْمَ سَوَاءٌ، … وَإِن قَصَدَ الْبَيْنُونَةَ بِقَوْلِهِ مُطَلَّقَةٌ لِوُقُوعِ اللَّفْظَتَيْنِ مَعاً فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ” [المعيار المعرب والجامع المغرب: 4/196].

وعليه؛ فإن كان الحال كما ذكر في السؤال، فبقولك: (أنت تعتبري مطلقة تعتبري محرّمة عليَّ) بعد قولك لها في المرة الأولى (أنت طالق طالق)، تكونُ قد استنفدتَ الطلقات الثلاث، وتكون المرأة قد بانت منك بينونة كبرى، ولا يعتد بمراجعتك لها، ولا تحلُّ لكَ حتى تنكح زوجًا غيرك نكاح رغبة، ثم يطلقها، أو يموت عنها؛ لقول الله عز وجل: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ﴾ [البقرة:230]، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشّريف

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

03/ذو الحجة/1440هـ

04/08/2019م