طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصاياالهبة

ما رأي الشرع في هبة المريض مرضَ الموت؟

هبة المريض مرضا مخوفا من قبيل الوصية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4295)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

ما رأي الشرع في هبةِ المريض مرضَ الموت؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ هبة المريض مرضًا مَخُوفًا متصلًا بموتِه، ولم يطُلْ زمنُ ما بين الهبةِ والموت، تعتبرُ وصيّة، والوصية إما أن تكون لوارثٍ أو لغير وارث، فإن كانت لوارث، فالوصيّة لوارث لا تجوز بأيّ شيء، كثر أم قلَّ، إلّا إذا أجاز الورثةُ ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارثٍ) [أبوداود: 2870[، وإن كانت لغير وارث فهي وصية نافذة، تنفذ في الثلث من تركة الميت، فإن تخلف قيد مما ذكر؛ بأن كان المرضُ غير مخوفٍ، أو غيرَ متصل بالموتِ، بأن وهب في مرضه ثم شفي منه، ثم عاوده المرضُ قبل الموت، أو طالَ الزمنُ ما بين الهبة والموت، فتعتبرُ هبةً صحيحةً إنْ حيزتْ وتمّ شرطها، قال التسولي رحمه الله: “(إِلاَّ) إِن تَصَدَّقَ (مَعَ) تَلَبُّسِهِ بِـ(مَرَضِ مَوْتٍ) فَإِنَّهَا تَكُونُ وَصِيَّةً يَصِحُّ مِنْهَا مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ إِن كَانَتْ لِغَيْرِ وَارِث وَإِلاَّ تَوَقَّفَتْ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ أَجَازُوهَا فَهْيَ ابْتِدَاءُ عَطِيَّة تَفْتَقِرُ لِلْحَوْزِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَمُتْ مِن ذَلِكَ الْمَرَضِ بَلْ صَحَّ صِحَّةً بَيِّنَةً ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّ الصَّدَقَةَ تَصِحُّ وَتُنَفَّذُ إِنْ حِيزَتْ كَانَتْ عَلَى وَارِث أَوْ غَيْرِهِ، وَمُرَادُهُ بِمَرَضِ الْمَوْتِ الْمَرْضُ الْمَخُوفُ الَّذِي حَكَمَ أَهْلُ الطِّبِّ بِكَثْرَةِ الْمَوْتِ بِهِ، وَقَد تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْخُلْعِ.

وَأَمَّا غَيْرُ الْمَخُوفِ كَالْأَمْرَاضِ الْمُزْمِنَةِ الْمُتَطَاوِلَةِ كَالْفَالِجِ وَحُمَّى الرَّبَعِ وَالْجَرَبِ وَالسُّعَالِ الْمُزْمِنِ، فَحُكْمُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَالصَّحِيحِ، فَإِذَا حِيزَتْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِوَارِث وَغَيْرِهِ، بَلِ الْمَخُوفُ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَقَدْ قَالَ الرَّجْرَاجِي فِي مَنَاهِجِهِ: وَالْمَرَضُ الْمَخُوفُ الْمُتَطَاوِلُ كَالسُّلِّ إِذَا طَلَّقَهَا فِيهِ وَأَعْقَبَهُ الْمَوْتُ قَبْلَ الْمُطَاوَلَةِ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، فَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْقُبْهُ الْمَوْتُ إِلاَّ بَعْدَ الْمُطَاوَلَةِ فَإِنَّهَا لاَ تَرِثُهُ”[البهجة: 2/397]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

(هذه الفتوى لا يحتج بها في المنازعات ولا أمام القضاء)

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

عبد الدائم بن سليم الشوماني

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

09//ربيع الآخر//1442هـ

24//11//2020م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق