ما مدى مشروعية عبارة: “المحل غير مسؤول عن ضياع الأشياء الخاصة بالزبائن”؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5751)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
في بعضِ المحلاتِ تُعَلَّق عبارة: “المحل غير مسؤول عن ضياع الأشياء الخاصة بالزبائن”، فهل يجوز لأصحاب المحلات إخلاءُ مسؤوليتهم عن ضياعِ أغراض الزبائنِ داخل محلاتهم بهذهِ العبارة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن كان قصد صاحب المحل من هذه العبارةِ، أنه يخلي مسؤوليته ممَّا يسرقُه السُّرَّاقُ من الزبائن، أثناء وجودهم داخلَ السوق من الأسواق العامة، المأذون فيها لكل الناس؛ فليس في ذلك حرجٌ، بل هو تأكيدٌ للحال وحكايةٌ للأصل؛ لأن الذي يدخل إلى المباني والأماكن العامة، إذا سرق منه شيء في المنطقة المأذون فيها بالدخول لكل أحد، فأصحابها لا يضمنون ما تلف فيها.
وأما الدكاكين الصغيرة، فإنها وإن دخلها كل أحدٍ، فإنها مُحرَّزة؛ لوجود صاحبها بها، بدليل أنه لا يقدر أحد على أن يأخذ شيئًا منها ويخرج به دونَ إذن صاحبها، فما بداخلها محروز ليس لأحد أن يتعدى عليه، والسارق منها سارق من حرز تقطع يده، قال الخرشي رحمه الله: “وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ حَانُوتٍ نِصَابًا، أَوْ مِنْ فِنَاءِ الْخِبَاءِ، أَوْ مِنْ فِنَاءِ الْحَانُوتِ”.
وإذا خافَ صاحبُ الدكان ألَّا يقدرَ على ضبط الأمرِ، فعليه أنْ يحددَ موضعَ أماناتٍ لا تمتدُّ إليه الأيدي، يضعُ الناسُ فيه ما يحملونه معهم؛ حفاظًا على أموالِ الناسِ، لا أنْ يهملَ الأمرَ، ويتذرعَ بمثل هذه العبارة: (المحل غير مسؤول عن ضياع الأشياء الخاصة بالزبائن)؛ لأن هذا قد يكون تفريطا يشجّع على التعدي.
وأما إن كان قصدُه بالعبارة أنه لو وَجَدَ شيئًا ضاعَ من صاحبهِ، فإنه سيأخذُه لنفسِه ويتملّكه، أو أنه سيتركُه ملقًى ولا شأنَ له به، فإنه غير جائزٍ شرعًا؛ لأنه تضييع لأموال الناس، ولا تعفيه العبارةُ المكتوبة مِن وجوب ردِّ ما وجد في الدكان لصاحبه؛ فلا يجوز أخذه بنية التملك؛ لأنه خيانة، ولا تركه ملقًى؛ لأنه لُقطةٌ، واللقطةُ يجبُ على مَن وجدها ملقاةً أن يأخذَها إن خشيَ عليها السرقة، وأن يعرّفها سَنَةً، قال الحطابُ رحمه الله: “إِنْ خَافَ عَلَيْهَا أَنْ يَأْخُذَهَا خَائِنٌ وَجَبَ عَلَيْهِ الاِلْتِقَاطُ” [مواهب الجليل: 6/71]، وقال ابن الحاجب رحمه الله: “وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا سَنَةً عَقِيبَهُ” [جامع الأمهات: 458]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عصام بن علي الخمري
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
24/صفر/1446هـ
28/08/2024م