طلب فتوى
الآداب والأخلاق والرقائقالفتاوى

ما هي الأسماء التي يكره التسمي بها؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (690)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

شخص سمى ابنته مارية، لكن لم يستطع تسجيلها في السجل المدني؛ لأنه من الأسماء الممنوعة، فما حكم التسمي به؟ وهل يجب تغييره؟ وما حكم التسمية بـ(موشيه ومايكل وجوزيف)؟ وما هي الأسماء الممنوعة شرعا؟ ومن أسلم من العجم فهل يجب أن يغير اسمه؟.

الجواب:

           الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

            أما بعد:

          فاسم ماريّا – بتشديد الياء وألف ممدودة – أعجمي، المقصود به مريم أم عيسى عليهما السلام، وماريَّة – بتشديد الياء وبتاء التأنيث المربوطة – قال الفيروزأبادي رحمه الله: “وامرأة ماريَّة: بيضاء براقة”[القاموس المحيط:477/1]، وقال الفيومي رحمه الله: “وقد تخفف، وبها سميت المرأة”[المصباح المنير:301/1]، ومارية القبطية صحابية جليلة رضي الله عنها.

         ومما سبق يتبين جواز التسمي بهذا الاسم، وإذا منع القانون التسمي به فلا مناص من تغييره، فالشيء المباح إذا منعته الدولة لمصلحة رأتها صار ممنوعا.

      والأصل في الأسماء الإباحة والجواز، غير أن هناك بعض المحاذير الشرعية التي ينبغي اجتنابها عند اختيار الأسماء، منها :

– التسمية بكل اسم خاص بالله سبحانه وتعالى، كالخالق، والقدوس، والله، والرحمن، والحكم، والأحد، والصمد، والخالق، والرزاق، والجبار، والمتكبر، والأول، والآخر، والباطن، وعلام الغيوب، أو بما لا يليق إلا به سبحانه وتعالى، كملك الملوك، وهذا اتفق الفقهاء على تحريمه، وأما التسمية بالأسماء المشتركة التي تطلق عليه تعالى وعلى غيره، فيجوز التسمي بها كعليّ ولطيف وبديع، ويراد بها في حقّنا غير ما يراد في حق الله تعالى.

– التسمية بالأسماء التي لا تليق إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم كسيد ولد آدم، وسيد الناس، وسيد الكل؛ لأن هذه الأسماء لا تليق إلا به صلى الله عليه وسلم.

– التسمية بكل اسم معبد مضاف إلى غير الله سبحانه وتعالى، كعبد العزى، وعبد الكعبة ، وعبد الدار، وعبد علي، وعبد الحسين، وعبد المسيح، أو عبد فلان … إلخ، قال ابن حزم رحمه الله: “واتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله جل جلاله،كعبد العزى، وعبد هبل، وعبد عمرو، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك، حاشا عبد المطلب”[مراتب الإجماع: 154/1]، وقد نص الأحناف والشافعية والحنابلة على التحريم، [انظر حاشية ابن عابدين: 268/5، ومغني المحتاج: 295/4]، ومن خالف في ذلك من المتأخرين فهو مسبوق بالإجماع، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم قوما يسمون رجلا منهم: عبد الحجر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما اسمك؟ “قال: عبد الحجر، قال: “لا، أنت عبد الله”.[الأدب المفرد للبخاري:رقم811]، وقال الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: “كان اسمي عبد عمرو – وفي رواية عبد الكعبة – فلما أسلمت سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن” [المستدرك: 306/3، ووافقه الذهبي].

– التسمي بأسماء الأصنام المعبودة من دون الله، كهبل، وبوذا، أو بأسماء الشياطين، كإبليس وخِنزَب، أو بأسماء الفراعنة والجبابرة التي اشتهروا بها، كفرعون، وهامان، وقارون، أو بأسماء تدل على الإثم والمعصية، كسارق، وظالم، وسفيه.

– التسمية بما تنفر منه القلوب، لمعانيها، أو ألفاظها، أو بما يدعو إلى السخرية.

– التسمي بأسماء فيها معان رخوة شهوانية، وهذا يكثر في تسمية البنات، كفاتن وناهد.

– قصد التسمي بأسماء الفساق، من الممثلين والمطربين واللاعبين.

– التسمية بالأسماء الأعجمية للكافرين الخاصة بهم، كبيتر، وجون، ويدخل في ذلك: (موشيه، ومايكل وجوزيف)، المذكورة في السؤال.

– التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة، مثل كلب، وحمار، ونحو ذلك.

– التسمية بكل اسم أو مصدر أو صفة مُشبّهة مضاف إلى لفظ (الدين)، ولفظ (الإسلام)، مما يحمل معنى التزكية للمسمى، مثل : نور الدين، ضياء الدين، سيف الإسلام، نور الإسلام.

– التسمي بأسماء الملائكة عليهم السلام كرهه بعض العلماء، سئل مالك عن الرجل يسمى جبريل، فكره ذلك ولم يعجبه، وقال: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ} [آل عمران: 68] ، وهذه الأمة الذين اتبعوه.[البيان والتحصيل:59/18-60]. وأما تسمية النساء بأسماء الملائكة، فظاهره الحرمة؛ لأن فيه مضاهاة للمشركين في جعلهم الملائكة بنات الله، تعالى الله عن قولهم.

– وكره جماعة من العلماء التسمية بأسماء سور القرآن الكريم، مثل: طه، ويس، وحم، وسئل مالك رحمه الله أينبغي لأحد أن يتسمى بياسين؟ قال: “ما أراه ينبغي؛ لقول الله جل وعلا: (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) يقول هذا: اسمى بياسين”.[البيان والتحصيل:235/18-236]. وأما ما يذكر من أن يس وطه من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، فغير صحيح.

– الأسماء التي فيها تزكية مثل : بّرة وتقي وعابد؛ لورود النهي عن ذلك.[البخاري:6192، مسلم:2141]. وكره مالك التسمى بمهدي لما فيه من التزكية [إكمال المعلم شرح صحيح مسلم:8/7].

– الأسماء التي في نفيها نفي للفأل الحسن، كفلاح، ويسار، وبركة؛ لورود النهي عن ذلك [مسلم:2136].

وأما من أسلم من العجم فلا يجب عليه تغيير اسمه، إذا كان اسمه من الأسماء العادية المتداولة بينهم، ولم يكن فيها مايدل على الكفر والباطل، والله أعلم.

                         وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

غيث بن محمود الفاخري

                                                                                   نائب مفتي عام ليبيا

20/المحرم الحرام/1434هـ

2012/12/4

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق