بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3819)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية الأسئلة التالية:
نحن مجموعة من الجمعيّات الخيريّة، تردنا بعض الملفات لعائلات محتاجة رفضتها مؤسسات أخرى، بحجة عدم استحقاقها من مال الزكاة، ونرغب في أخذ الرأي الشرعي من فضيلتكم في المسائل الآتية:
السؤال الأول:
يمتنع صندوق الزكاة عن مساعدة بعض العائلات النازحة من بنغازي ودرنة إلى طرابلس وضواحيها، بحجّة أنّ الدولة هي المسؤولة عنهم، ولتعذّر التحرّي عن أحوالهم، لعدم قدرة هذه العائلات على توفير المستندات المطلوبة من كشوف حسابات ومستندات إدارية، ولكثرة حالات النصبِ منها، إضافة إلى أن بعضهم لا تزال رواتبهم مستمرة في مدنهم الأصلية، فهل يجوز لنا إعطاؤهم من الزكاة إذا كانت لدينا قدرة على التحري عن هذه العائلات في مدنهم الأصلية، وتعاونَّا مع لجانهم في تنظيم تقديم المساعدات؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ الزكاة لها مصارف معلومة، قد بيّنها الله تعالى في قوله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة:60]، والعائلات النازحة من درنة وبنغازي تسلّط عليهم الظلمة، واستباحوا أموالهم وديارهم، مما اضطرهم إلى الخروج من بلادهم، تاركين وراءهم ما يملكون، فلا يجوز أن تُمنع الزكاة عن المستحقّين منهم بحجّة احتيالِ بعضهم، بل الواجب بذل الوسع في الوصول إلى المحتاجين، والتحرّي عن أحوالهم بحسب الإمكان، ويجب على لجنة النازحين حصر الأسر المهجّرة التي تحتاج إلى إعانات، وإعانتهم من أموال الزّكاة والصدقات، وتقديم الإعانات الشهرية لهم، وتكاليف إيجار البيوت والأدوية للمرضى، مما يوفّر لهم حياة كريمة، والعلماء ذكروا في باب الزكاة أنّه يقدّم مَن كان أشّد حاجة وفقرًا، على مَن هو أحسن منه حالًا، قال الشيخ الدردير رحمه الله: “وَنُدِبَ إيثَارُ الْمُضْطَرِّ أي المحتاجِ على غيرِه بِأنْ يُخَصَّ بِالإِعْطاءِ أَوْ يُزَادَ لَهُ فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى حَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ الحَالُ” [الشرح الصغير: 1/664]، والله أعلم.
السؤال الثاني:
ترفض مؤسسات الزكاة إعانة العائلات النازحة من سوريا للأسباب السابقة، ولاحتمال كونها شيعيّة، وإن صرّحت بأنّها سنيّة، وقد وقفنا على أحوال هذه العائلات، وما تعانيه من الفقر والتشرّد، فإذا ركّزنا على الأرامل والمطلقات هل يبقى مانع من دفع مال الزكاة إليهم؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فيجب الاجتهاد في معرفة المستحقّين من العائلات السوريّة، وإيصال الزكاة إليهم، وكونهم من الشيعة لا يمنع إعطاءهم من الزكاة، إلّا أن يكونوا من غلاة الرافضة، وقد سئل ابن القاسم رحمه الله عن أهل الأهواء؛ هل يُعطَون من الزكاة إذا كانوا محاويج؟ فقال: “إِنْ نَزَلَتْ بِهِمْ حَاجَةٌ فَأَرَى أَنْ يُعْطَوْا مِنَ الزَّكَاةِ، وَهُم مِنَ المُسْلِمِينَ يَرِثُونَ ويُورَثُونَ”، قال ابن رشد شارحا: “يُرِيدُ الهَوَى الخَفِيفَ الّذِي يُبَدَّعُ صَاحِبُهُ وَلَا يُكَفَّرُ كَتَفْضِيلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنه عَلَى َسائِرِ الصحابَةِ رضي الله عنهم أجمعين… وَمِنَ البِدَعِ مَا لَا يُخْتَلَفُ أَنَّهُ كُفْرٌ، كَمَنْ يَقولُ مِنَ الرَّوافِضِ إِنَّ عَلِيَّ بنَ أَبي طالِبٍ كانَ النَّبِيَّ، وَلكنَّ جِبريلَ أَخْطَأَ في الرِّسالَةِ… وَأَنَّ الأئمّةَ أَنْبِيَاءُ يَعْلمونَ مَا كَانَ وَمَا يَكونُ إلى يَومِ القِيامَةِ، فَهؤلَاءِ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ لَا يُعْطَوْنَ مِنَ الزّكاةِ بإجْماعٍ؛ لأنَّهم كُفَّار” [البيان والتحصيل: 2/393].
عليه؛ فلا مانع من إعطاء الزكاة للعائلات النازحة، سواء كانت ليبيّة أم سورية، لكن بشرط التحرّي عن أحوالهم، وبشرط التحقق من إسلامهم، والله أعلم.
السؤال الثالث:
هل يجوز دفع أموال الزكاة لعائلات يكون العائل فيها مبتلى بالمعاصي؛ كشرب الخمر والمخدرات، ولو عبْرَ إعطائها للزوجة أو لثقة له اتصال مع العائلة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالأولى أن لا تعطى الزكاة لصاحب المعصية المعلن بها؛ كشارب الخمر والمخدرات، فإذا وجد محتاج غيره ظاهره الاستقامة فهو أولى منه بالزكاة، وإن خشي على صاحب المعصية شدة الفاقة عليه أو على عياله؛ فينبغي أن تشترى له حاجياته منها بعد استئذانه، ولا تسلم له نقدًا، قال عبد السلام التاجوري رحمه الله: “وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْتَارَ لِزَكَاتِهِ أَهْلَ الْفَضْلِ وَالدِّينِ، عَلَى الْفَسَقَةِ وَالسَّفَلَةِ وَالْمُسْتَعِينِينَ بِهَا عَلَى مَعْصِيَةِ اللهِ تَعَالَى” [تذييل المعيار:2/24]، والله أعلم.
السؤال الرابع:
تأتينا ملفات كثيرة رُفضت من صندوق الزكاة وغيره، عن أرامل ومطلقات بهن فقر وحاجة، لكن سُمعتهنّ بها شكوك من امتهان التسول والنصب والرذيلة، فهل يجوز لنا دفع أموال الزكاة لهؤلاء النسوة بعد التأكد من فقرهنَّ، خصوصًا من عندهنَّ أطفال؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإذا اجتهدت الجمعية في التحري على من تدفع لهم الزكاة، وبذلت وسعها ولم تتهاون، وثبت لها فقره وحاجته فأعطته الزكاة ثم تبين أنه ليس من أهلها؛ فلا إثم عليها، لعدم التفريط، والله أعلم.
السؤال الخامس:
ما حكم إعطاء الزكاة للمرأة المعلقة التي معها أطفال، وقد هجرها زوجها، وامتنع عن الإنفاق عليهم، ولا تستطيع المطالبة بالطلاق خوفًا من الزوج أو عائلتها، أو خوفًا من نظرة المجتمع إليها على أنها مطلقة؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن كانت المرأة فقيرة لا تجد ما تنفق منه، فإنها تعطى من مال الزكاة ما يكفي نفقتها ونفقة عيالها، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ﴾ [التوبة:60]، والفقير هو مَن كانت فاقته وفقره في الحاجيات لا في الكماليات، قال اللخمي رحمه الله: “إنْ كَانَ لِلصَّحِيحِ صِنَاعَةٌ تَكْفِيهِ وَعِيَالَهُ لَمْ يُعْطَ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا بِمَالٍ أَوْ صَنْعَةٍ يَقُومُ مِنْهَا عَيْشُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا كِفَايَةٌ أُعْطِيَ تَمَامَ كِفَايَتِهِ” [التاج والإكليل: 3/220]، والله أعلم.
السؤال السادس:
ما حكم دفع أموال الزكاة للمؤسسات العامّة، خصوصا المؤسسات الصحية، مع كون الغالب هو انتفاع الأغنياء والفقراء من هذه الخدمات على حدٍّ سواء؟ خاصة مع عجز الدولة عن دعم القطاع الصحي والمستشفيات والمستوصفات العامة.
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن استنفدتِ الجهاتُ المسؤولة عن هذه المؤسسات كافةَ الطرقِ مع الجهاتِ المختصة بصرف الميزانيات، وتعذر عليها الحصول على المالِ، الذي يمكنها مِن حفظِ حياة الناس، ولم تتحصلوا على المالِ المطلوبِ مِن غير الزكاة، فإنه يجوز لكم حينئذ دفع الزكاةِ لهم بحسبِ الحاجةِ؛ لإنفاقها في الضروريات، بشرطِ التوثق من أمانة الجهة التي تستلم المال، وتتولى صرفه في موضعه؛ لأنّ النفسَ مِن الضرورياتِ الخمس التي يجبُ حفظُها، ويرى بعضُ العلماء أنّ الإنفاقَ في هذا البابِ يدخل في مصرف: (وَفِي سَبِيلِ اللهِ)؛ قال الكاساني رحمه الله: “وأما قوله تعالى: (وَفِي سَبِيْلِ اللهِ) فهو عبارة عن جميعِ القُرَبِ، فيدخلُ فيه كل مَن سعى في طاعةِ الله وسبيل الخيراتِ، إذا كان محتاجًا” [بدائع الصنائع:245/2]، والله أعلم.
السؤال السابع:
ما حكم دعم المشاريع معروفة الجدوى – كالطبخ والخياطة والدورات التعليمية – من مال الزكاة، بحيث يكون الفقير هو الذي يعمل بها والمستفيد المباشر منها؟ وما حكم استثمار مال الزكاة في نحو شراء الأراضي وبيعها، وبناء محلات وتأجيرها، لغرض تنميته، والحصول على عائد مستمر يدفع للمحتاجين عند شح مال الزكاة والتبرعات؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإن دفع الزكاة على هيئة آلات وتجهيزات لمشاريع يقوم عليها الفقراء ويستفيدون من عوائدها مباشرة، هو من قبيل دفع القيمة في الزكاة، وهو مكروه، قال الشيخ الصاوي رحمه الله: “الْمَوْجُودُ فِي الْمَذْهَبِ طَرِيقَتَانِ: عَدَمُ إجْزَاءِ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا وَإِجْزَاؤُهَا مُطْلَقًا، فَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ بَشِيرٍ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْبَاجِيِّ مِنْ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِيهِ الْإِجْزَاءُ مَعَ الْكَرَاهَةِ”[بلغة السالك لأقرب المسالك:1/668]، واختار اللخمي رحمه الله – فيما إذا كان ذلك خيرا للفقراء – جوازه بل هو محسن [ينظر مواهب الجليل:2/356]؛ لحديث معاذ رضي الله عنه: (ائْتُونِى بِخَمِيسٍ أَوْ لَبِيسٍ آخُذْهُ مِنْكُمْ مَكَانَ الصَّدَقَةِ، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ، وَخَيْرٌ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ)[السنن الكبرى للبيهقي:7622]، وعليه؛ فلا بأس من إعطاء الزكاة في شراء المعدات والآليات إذا تحققت من ذلك مصلحة الفقير.
وأما الاستثمار في مال الزكاة من قبل الجمعية مباشرة، فإن للزكاة مصارف حددها الشارع في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾[التوبة: 60]، فالزكاة حق لهؤلاء الأصناف في مال الأغنياء، فما دام أحد من هذه الأصناف موجودًا، فالواجب أن يدفع حقه إليه؛ لأن المقصود منها سد حاجة الفقراء، وقضاء دين الغرماء، والاستثمار قد يفوت هذه المصالح، فيحجب المال عن مستحقه في حين هو محتاج إليه، وكذلك إذا حصلت خسارة للمشروع ذهب المال، أو تأخر كثيرًا عن مستحقيه، والذين أجازوا استثمار أموال الزكاة من العلماء المعاصرين، وبعض المجالس الفقهية، اشترطوا أن يكون ذلك بعد سد حاجة أهل الزكاة الماسة، جاء في قرارات المجمع الفقهي: “يجوز من حيث المبدأ توظيف أموال الزكاة في مشاريع استثمارية، تنتهي بتمليك أصحاب الاستحقاق للزكاة، أو تكون تابعة للجهة الشرعية المسؤولة عن جمع الزكاة وتوزيعها، على أن تكون بعد تلبية الحاجة الماسة الفورية للمستحقين، وتوافر الضمانات الكافية للبعد عن الخسارة”[مجلة المجمع(العدد الثالث:1/309)]، وهذا الشرط غير متحقق؛ لأن المستحقين للزكاة من غير القادرين على الحصول على المسكن، أو غير القادرين على الزواج، أو عن سداد ديونهم، كثيرٌ، ويحتاجون إلى مئات الملايين لسد حاجاتهم، هذا على المستوى المحلي داخل كل بلد، فكيف ببلاد المسلمين الأخرى التي تعاني مجاعات وفاقة شديدة، وحاجة للعدة والعتاد في الجهاد وغير ذلك، وإذا كان للجمعية فائض من المال، ولم يعرف له المسؤولُ مصرفًا، فعليه أن يستعين بمن يعرف؛ ليرشده، والمصارف كثيرة، والله أعلم.
السؤال الثامن:
احتجنا بعد زيادة حجم العمل إلى بعض الأمور، مثل منظومة الكترونية وأجهزة نقال حديثة؛ لغرض الوصول إلى المحتاجين والتحري عنهم، وكذا إلى تأجير سيارات نقل لتوزيع المصروفات، إضافة إلى مصاريف الوقود وكروت الاتصالات، فهل يسوغ استخدام أموال الزكاة في المتطلبات المذكورة؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فالزكاة لها مصارفها المعروفة، المحصورة في ثمانية أصناف، والجمعيات الخيرية التي تقوم بجمع الزكاة ودفعها إلى مستحقيها، ليست من مصارف الزكاة، إلا إذا كانت مكلفة من قبل الدولة بجمع الزكاة وتفريقها، فهي في هذه الحال من العاملين على الزكاة، وتأخذ سهمهم المقدر من الدولة، ولها حينئذ أن تجعل ما تأخذه في المصاريف الإدارية، أو دفع رواتب موظفيها، أو غير ذلك، فإن لم تكن معينة من قبل الدولة فيما تقوم به من جمع الزكاة، فهي وكيلة عن دافعي الزكاة، لإيصال الزكاة لمستحقيها، وليس لها حينئذ أن تأخذ شيئا من أموال الزكاة، ولها أن تجمع بعض الصدقات غير الواجبة، وأن تفتح للمتبرعين الباب لإعطاء الصدقات لهذا الشأن، والله أعلم.
السؤال التاسع:
يقيم في مراكز الهجرة غير الشرعية أعداد كبيرة من المهاجرين، وفيهم المسلمون وغير المسلمين، ولا يتوفر لديهم المقومات الأساسية للحياة من مأكل وملبس ومسكن، فهل يسوغ إعطاؤهم جميعًا من مال الزكاة، خصوصا أن الحال واحدة، وأموال الصدقات لا تكفي في سدّ حاجة غير المسلمين؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فما دامت هذه المعسكرات تضم المسلمين وغير المسلمين، فالواجب أن تتولى أمرهم الحكومة من بيت المال؛ لأن الزكاة لا تصح إلا للمسلم، وبالجملة فينبغي الصرف للمستحقين في غير هذه المعسكرات؛ ليتركوا الحكومة تتحمّل مسؤولياتها أمام الجهات الدولية، إلا إذا كان هناك فائضٌ من الزكاة، لا يوجد له مستحقون خارج هذه المعسكرات، فعندها يجوز لكم الدفع للمسلمين منهم، إذا كان يمكن تمييزهم، ومسألة التأليف غير واردة في حق المقيمين في هذه المعسكرات، باعتبار أن قضيتهم تتدخل في إدارتها جهات محلية وجهات أجنبية، والواجب العمل على إجلائهم إلى بلدانهم؛ لأنهم سبب زعزعة استقرار الأمن في ليبيا، ووجودهم فيها مخالف للنظم التي تحافظ على مصلحة الأمن العام، وتشجع غيرهم على هذه الفوضى في الهجرة إلى ليبيا، والله أعلم.
السؤال العاشر:
ما حكم التعاون مع منظمات الإغاثة الدولية؟ وما الضوابط الشرعية لذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الأصل أن العمل والتعاون مع المنظمات الدولية، التي تقدم العديد من الخدماتِ، في مجالِ الصحةِ، أو الاقتصاد، أو الاجتماع، أو الإغاثة؛ داخلٌ في التعاونِ الإنسانيّ المفيدِ للبشريةِ، ولا تحرمه الشريعة الإسلامية، بشرط خلو هذه الخدمة والإعانة مِن التنازل عن شيءٍ من ثوابتِ الدين والوطنِ، والحذر من الرضا بباطلهم، أو تعليق ورفع شعارات الكفر والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
28//جمادى الآخرة//1440هـ
04//03//2019م