بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5949)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
نحن (شركة البوابة الإلكترونية للاتصالات وتقنية المعلومات)، نقدم خدمة رقمية لشركة المدار، تعرف بخدمة رنات الانتظار، بحيث يحصل المشترك فيها على أنشودة أو دعاء تجعل نغمَةَ رنينِ انتظارٍ مخصصةً له، مقابل قيمة مالية معينة، ونحن الآن بصدد القيام بحملة دعائية لهذه الخدمة، لحث مستخدمي شركة المدار على الاشتراك فيها، ونريد تخصيص جزء من قيمة الاشتراك لصالح صندوق الزكاة، وإعلان ذلك للناس تشجيعا لهم، فما هو الحكم الشرعي في هذه العملية؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ الإجارة على عمل أو خدمة – كما ورد في السؤال – جائزة شرعا، إذا توفرت فيها شروط الإجارة، التي هي تحديد العمل المؤاجر عليه، وكونه عملا مأذونا فيه شرعا، والعلم بمدته، وأجرته، قال الدردير رحمه الله في أركان الإجارة وشروطها: “(بِمَنْفَعَةٍ تُتَقَوَّمُ) أَي: لَهَا قِيمَةٌ شَرْعًا لَوْ تَلِفَتْ، احْتِرَازًا عَنْ رَائِحَةِ الرَّيَاحِينِ وَنَحْوِهَا فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا لِلشَّمِّ،… وَالْجُدْرَانُ لِلِاسْتِظْلَالِ، وَالسِّرَاجُ لِلِاسْتِصْبَاحِ، وَكَذَا آلَاتُ اللَّهْوِ وَتَعْلِيمِ الْأَنْغَامِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا شَرْعًا، فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ مَا ذَكَرَ وَتُفْسَخُ إنْ وَقَعَتْ ولا أجرة، (قَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا) فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ آبِقٍ، أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ، أَوْ شَيْءٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ لِلْمُؤَجِّرِ” [الشرح الكبير: 4/19].
وعليه؛ فالواجب استيفاء الشروط المذكورة، من تحديد العمل المؤاجر عليه، وتحري كونه مأذونا فيه شرعا، فلا يجوز التعاقد على تشغيل صوتيات مشتملة على منكر، أو معازف وموسيقى، ولو كانت في ظاهرها نشيدا أو دعاء، والواجب تحديد مدة هذه الخدمة، وتحديد الأجرة التي تُسْتَوْفَى في مقابلها، ولا يجوز لهم الربح بالدعاية لمشروعهم من خلال التبرع لصندوق الزكاة؛ لأنه من استعمال العبادات التي لا تكون إلا خالصة لله، للحصول على أموال الناس، قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) [البخاري: 1]، فعملهم من التحايل على أكل أموال الناس باسم الترغيب في العبادة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
26//شعبان//1446هـ
25//02//2025م