طلب فتوى
البيعالشركةالفتاوىالمضاربةالمعاملاتقضايا معاصرة

مراجعة عقد معاملة تسمى بالمشاركة المتناقصة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5750)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

اتفق رجلان؛ أحدهما يملك رأس المال، والآخر صانع صاحب خبرة وصنعة في صيانة السيارات، على فتح مركز صيانة للسيارات (ورشة)، وكانت بنود اتفاقهم كالآتي:

  1. يتم تجهيز الورشة كاملة من معدات وآلاتٍ من رأس المال المدفوع كاملاً من الشريك الأول.
  1. الربح يقسم مناصفة بينهما من ابتداء الشغل، بعد تسديد الالتزامات من رواتب عمال وإيجار وغيره، ويكون إغلاق الحساب شهريًّا.
  1. بعد مقاسمة الربح؛ يقوم العامل بإرجاع مبلغ إلى صاحب رأس المال، بنية شراء جزء من رأس المال، حتى يصل إلى نصفه، وبعدها يصبح مشاركًا له مناصفة.
  1. عند عجز الورشة عن سداد التزامات العمال والإيجار، يتحمل الشريكان ذلك بينهما مناصفة.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالعقد الوارد في السؤال هو ابتداء من عقود المُضاربة والقراض، وهو أن يكون المال من شخص، والعمل من آخر، والربح بينهما حسب الاتفاق، وبحصول الربح يتحول إلى عقد مشاركة، والجمع بينهما صحيح بناء على قول الجمهور، فيكون العمل من أحد الطرفين والمال منهما، ودفع العامل لجزء من المال أقساطًا لرب المال، في مقابل شراء نصف حصته منه مشروعٌ، إذا كان بسعر السوق وقت الشراء.

إما إذا كان عند ابتداء العقد، مع تعهد العامل دفع حصة نصف رأس المال بقيمته عند ابتداء المشروع بينهما، فهو ممنوع؛ لأنه يؤدي إلى ضمان رأس المال، ولا يجوز كذلك أن يتضمن العقد مواعدة ملزمة للطرفين بشراء العامل نصف رأس المال، وإنما يكون بوعد من أحدهما، ويكون للآخر الخيار فيما بعد، وهذه المعاملة تدخل فيما يسمى بالمشاركة المتناقصة، وهي إحدى الأساليب الحديثة في الشركات، وقد درسها مجمع الفقه الإسلامي، وعرّفها، ووضع لها ضوابط شرعية، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي رقم: 136(15/2)، بشأن المشاركة المتناقصة وضوابطها الشرعية:

(1) المشاركة المتناقصة: معاملة جديدة تتضمن شركة بين طرفين في مشروع ذي دخل يتعهد فيها أحدهما بشراء حصة الطرف الآخر تدريجًا، سواء كان الشراء من حصة الطرف المشتري في الدخل أم من موارد أخرى.

(2) أساس قيام المشاركة المتناقصة: هو العقد الذي يبرمه الطرفان ويسهم فيه كل منهما بحصة في رأس مال الشركة، سواء أكان إسهامه بالنقود أم بالأعيان بعد أن يتم تقويمها، مع بيان كيفية توزيع الربح، على أن يتحمل كل منهما الخسارة -إن وجدت- بقدر حصته في الشركة.

(3) تختص المشاركة المتناقصة بوجود وعد ملزم من أحد الطرفين فقط، بأن يتملك حصة الطرف الآخر، على أن يكون للطرف الآخر الخيار، وذلك بإبرام عقود بيع عند تملك كل جزء من الحصة، ولو بتبادل إشعارين بالإيجاب والقبول.

(5) المشاركة المتناقصة مشروعة إذا التُزم فيها بالأحكام العامة للشركات، وروعيت فيها الضوابط الآتية:

أ- عدم التعهد بشراء أحد الطرفين حصة الطرف الآخر بمثل قيمة الحصة عند إنشاء الشركة، لما في ذلك من ضمان الشريك حصة شريكه، بل ينبغي أن يتم تحديد ثمن بيع الحصة بالقيمة السوقية يوم البيع، أو بما يتم الاتفاق عليه عند البيع.

ب- عدم اشتراط تحمّل أحد الطرفين مصروفات التأمين أو الصيانة وسائر المصروفات، بل تحمّل على وعاء المشاركة بقدر الحصص.

ج- تحديد أرباح أطراف المشاركة بنسب شائعة، ولا يجوز اشتراط مبلغ مقطوع من الأرباح أو نسبة من مبلغ المساهمة.

د- الفصل بين العقود والالتزامات المتعلقة بالمشاركة.

عليه؛ فالعقد بين الشريكين صحيحٌ إذا رُوعيت فيه ضوابط شركة المناقصة، وذلك بأن يكون الوعد بشراء نصف حصة الشريك غير ملزم لأي منهما أو ملزما لأحد الطرفين وللآخر الخيار، بحيث يمكن الرجوع عنه، وألَّا يتعهد العامل بشراء حصة شريكه بمثل قيمة الشراء عند ابتداء العقد، بل يكون بحسَب سعر السوق عند البيع، أو بما يتفقان عليه حينها، وتحمّل الخسارة – إن حصلت- بعد حصول المشاركة تكون بينهما، بحسَب حصصهم من رأس المال، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

23//صفر//1446هـ

27//08//2024م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق