مرتب الشهيد لا يعد ميراثا
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5923)
السيد المحترم/ رئيس الهيئة العامة القضاء العسكري.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمّنة في بندها الثالث والرابع السّؤال عن الأسس الشرعية، التي بنيت عليها فتوى مرتب الشهيد بأنه ليس ميراثا، بل عطية أو هبة من الدولة، وبالتالي لا يقسم وفقا للفريضة الشرعية، بل وفقا للوائح المعمول بها في جهة العمل التابع لها.
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فالإنسان إذا مات فقدَ أهلية التملك، وخربت ذمته بالموت، فلا تقبل شيئا يعطى إليه، ولا تعطي التزاما قائما عليه، ولذلك فإن كل ما لم يملكه حقيقة أو حكما بتوفر أسبابه حال حياته، فإنه لا يعتبر بعد موته من الميراث؛ لأنه غير داخل في ملكه، كما جاء في الفتوى المشار إليها في السؤال، قال ابن الشّاط رحمه الله: “وَالصَّحِيحُ فِي حَدِّ الْمِلْكِ أَنَّهُ تَمَكُّنُ الْإِنْسَانِ شَرْعًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِنِيَابَةٍ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْعَيْنِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ وَمِنْ أَخْذِ الْعِوَضِ عَنْ الْعَيْنِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ” [إِدْرَارُ الشّرُوقِ عَلَى أَنْوَارِ الْفُرُوقِ: 3/209]، وبالموت خربت الذمة خرابا أبديا، وبذلك علل الشيخ الونشريسي التفريق بين الفلس والموت، في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَيّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ، وَلَمْ يَقْبِضِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْهُ شَيْئًا فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ، فَهْوَ أَحَقّ بِهِ مِن غَيْرِهِ، فَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ إِسْوَةُ الْغُرَمَاءِ) [الموطأ: 576]، حيث قال رحمه الله: “وَلاَ كَذَلِكَ إِذَا مَاتَ، لِأَنَّهُ قَدْ بَطَلَتْ ذِمَّتُهُ بِكُلّ وَجْهٍ” [عدة البروق: 571]، وقال المسناوي رحمه الله: “بِخِلَافِ الْمَوْتِ فَإِنَّ الذّمّةَ فِيهِ قَدْ خَرِبَتْ خَرَاباً كُلّيّا وَزَالَتْ زَوَالاً أَبَدِيّاً” [صرف الهمّة إلى تحقيق معنى الذّمّة: 21/ب]، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
06//شعبان//1446هـ
05//02//2025م