بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5576)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تشاجرتُ أنا (ع) مع زوجتي، فقلتُ لها عندما ذهبتُ بها إلى بيت أهلها: “إذا خرجتِ من بيت أهلك دون إذني فأنتِ طالق بالثلاثة وباليمين”، وذات يوم أرسلَتْ لي رسالةً عبر الهاتف تستأذنني للخروجِ إلى المصرفِ برفقةِ أخيها، لكني لم أقرأها إلا بعد خروجِها ورجوعِها، فهل الطلاق واقعٌ؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالطّلاق المعلّق يقع إذا حصل الأمر المعلَّق عليه، عند جماهير أهل العلم؛ لما جاء عن نافع رحمه الله أنّه قال: “طَلّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ الْبَتّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَر رضي الله عنهما: إِنْ خَرَجَتْ، فَقَدْ بُتّتْ مِنْهُ، وَإِن لَمْ تَخْرُجْ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ” [البخاري معلّقا: 45/7].
وجمهور أهل العلم من علماء المذاهب الأربعة المشهورة وغيرها، على أنّ طلاقَ الثلاثِ في كلمةٍ واحدةٍ يلزمُ منه الثلاث، وحكى بعضهم الإجماعَ على ذلك، قال القرطبي رحمه الله: “قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَاتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى عَلَى لُزُومِ إِيقَاعِ الثَّلَاثِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ” [تفسير القرطبي: 129/3]، وممن حكى الإجماع عليه؛ أبوبكر الرازي، والباجي، وابن العربي.
عليه؛ فالطلاق واقع؛ لوقوع المعلق عليه، وهو خروج الزوجة من بيت أهلها بلا إذن زوجها، فإنها، وإن كانت قد استأذنت بإرسال الرسالة إلى زوجها، لكنها خرجت ولم تنتظر إذنه، فتكون بذلك قد بانت منه بينونةً كبرى، ولا تحل له إلا بعد زوج، ينكحها نكاح رغبة ثم يطلقها أو يموت عنها؛ لقول الله تعالى: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَّتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾[البقرة: 228]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
14/ رمضان/ 1445هـ
25//03//2024م