طلب فتوى
البيعالفتاوىالمعاملات

مصارفة فاسدة

التقابض شرط في صحة الصرف

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3999)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

بعت دولارًا بصكٍّ لشخص لا أعرفه، وكان بيننا وسيطٌ، وكان الاتفاق على أن يودع الصك في مصرف التجارة والتنمية، ويأتي بقسيمة الإيداع عند الوسيط، ويستلم الدولارات، ولكن بعد أن أودعَ الصك اتصل وقال: حدث لي طارئ، ولا أستطيع الحضور، وحضر في اليوم الثاني واستلم الدولارات، فما حكم هذه المعاملة؟ وكيف أتصرف بعد أن انقضت مدة طويلة، ولا أستطيع أن أعرف مكان المشتري؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن هذه المعاملة من قبيل الصرف، وشرط صحة الصرف أن يحصل التقابض عند العقد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ … إلى أن قال: … فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) [مسلم:1587]، وقد نقل ابن المنذر رحمه الله الإجماع على ذلك.

عليه؛ فإن هذه المصارفة المذكورة لا تجوز؛ لعدم القبض الفوري، لا حقيقة ولا حكما، فهو بيع باطل، وبطلان البيع هو أن يعود لكل منكما ماله كما كان قبل العقد، فإن فات بالتصرف في المال صار دينًا على من قبضه؛ قال ابن القاسم رحمه الله: “وَكُلُّ مَا كَانَ مِنَ حَرَامٍ بَيِّنٍ فَفُسِخَ فَعَلَى الْمُبْتَاعِ رَدُّ السِّلْعَةِ بِعَيْنِهَا، فَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِهِ رَدَّ الْقِيمَةَ فِيمَا لَهُ قِيمَةٌ، وَالْمِثْلَ فِيمَا لَهُ مِثْلٌ” [الجامع لمسائل المدونة: 12/709]، ويتوجب عليك رد ما أودعه لك في المصرف، والمشتري يرد لك ما اشتراه من الدولارات، التي قبضها مؤخرًا، وتصحح المعاملة، فإن كنت تصرفت فيها، فهي دين في ذمتك، ترده لصاحبه بسعر يوم السداد، وعليك إفراغ الوسع في طلبه، فإن لم تستطع معرفته ولا إيجاده؛ فلا يجب عليك إلا التوبة والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى من مخالفتك لشرع الله، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

08// صفر// 1441 هجرية

07// 10// 2019 م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق