طلب فتوى
الفتاوىالمعاملاتالمغارسة

مغارسة فاسدة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (1659)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

توفي رجل وانحصر إرثه في؛ والدته، وأبنائه، وله أرض قد دخلها بعقد مغارسة، على أن تكون مدته خمسة عشر عاما، وعند وفاته لم يستوف ذلك العقد الشروط والمدة، فأتمَّه أبناؤه من بعده، وبعد خمس سنين من وفاته انتهت مدة العقد، وصار نصف الأرض لورثة المتوفَّى، وكانت قد توفيت والدته قبل ذلك بعامين، فهل لها نصيب في تلك الأرض، أم لا؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن هذه المسألة من صور المغارسة غير الجائزة؛ إذ من شروط صحة المغارسة أن يكون عمل الغارس محددا بأجل، لا يتعدى حد الإطعام، فإن تعداه تعتبر المغارسة فاسدة بسبب فقد شرط من شروطها، فإذا اطُّلِع على فسادها قبل البدء في العمل، يجب فسخها، فترد الأرض إلى صاحبها ولا شيء للعامل؛ لأنه لم يعمل شيئا، وإن لم يطلع عليها إلا بعد الغرس والعمل، وكانت مع فسادها قد جعل فيها للعامل جزء في الأرض والشجر – كما في هذه الحالة – بأن حددت بأجل بعد إثمار الشجر، فتمضي المغارسة، ويرجع صاحب الأرض على الغارس بنصف قيمة الأرض، ويرجع الغارس على صاحب الأرض بنصف قيمة عمله، قال عليش رحمه الله: “فَإِن انْخَرَمَ شَرْطٌ مِنْهَا [أي: المغارسة] فَسَدَتْ، فَإِن اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْعَمَلِ فُسِخَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى الْغَارِسِ نِصْفُ قِيمَةِ الْأَرْضِ [أي: قيمة أجرتها] يَوْمَ غَرْسِهَا بَرَاحًا وَعَلَى رَبِّ الْأَرْضِ نِصْفُ قِيمَةِ الْغَرْسِ يَوْمَ بَلَغَ وَهُمَا بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا” [منح الجليل:410/7].

فإن كان الشجر لم يبلغ حد الإطعام عند وفاة العامل المذكور – كما يفهم من السؤال -، أو عجز عن إتمام العمل بسبب موت أو غيره، فإنه يستحق أجرة المثل، بقدر ما تكلفه من العمل؛ لأن العقد حينئذ متردد بين الجعالة والإجارة. [انظر: القوانين الفقهية لابن جزي:242]، قال التسولي: “فالجعالة لا شيء فيها للعامل إلا بتمام عمله بنبات الشجر أو إثمارها على ما شرطاه، بخلاف الإجارة، فإنه يستحق أجره على مجرد عمله من غير زيادة عليه، وإن لم يتمه فله بحساب ما عمل” [البهجة شرح التحفة:324/2]، ويتقاسم الورثة هذه الأجرة حسب الفريضة الشرعية، ومن يتم العمل بعده يستحق حصته، سواء أكانوا أبناءه أو غيرهم، ولا حق حينئذ لوالدته في الأرض المذكورة.

وأما إذا بلغت الأشجار حد الإطعام عند وفاة العامل، فإن لوالدته حقا في الأرض حينئذ؛ لأن المغارسة قد استوفت شروطها، وما عمله الورثة بعد ذلك يستحقون عليه أجرة المثل، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

أحمد محمد الغرياني

 

غيث بن محمود الفاخري

نائب مفتي عام ليبيا

28/صفر/1435هـ

2013/12/31م

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق