مفهوم نقض الحكم في الشريعة الإسلامية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3678)
السيد: (س)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
فبالإشارة إلى طلبِ الجامعة التي تدرسون بها الإجابةَ على: “مفهوم نقض الحكم في الشريعة الإسلامية” من قبل دار الإفتاء الليبية، وذلك استكمالا لمتطلبات درجة الدكتوراه، فالجواب كالآتي:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالنَّقْضُ في اللغة ضد الإبرام، وهو حلّ أجزاء الشيء بعضها عن بعض؛ يقال: نقضه ينقضه نقضاً، أي: أبطله وأفسده، والنقض هو: إفساد ما أبرمت من عقد أو بناء، يقال: أنقضُ قولَه وينقض قولي، وناقضته في الشيء مناقضة ونقاضاً، والنقض ما نقضت، والجمع أنقاض، ويقال: انتقض الجرح بعد البرء، وانتقض الأمر بعد التئامه.
وأما الحكم: فهو القضاء، وأصله المنع، يقال: حكمت عليه بكذا إذا منعته من خلافه، فلم يقدر على الخروج من ذلك، وحكمت بين القوم فصلت بينهم [يُنظرالعين:5/50 والمصباح المنير:2/590، وتاج العروس:7/319].
وفي الاصطلاح: نقضُ الحكم يعني إبطالَ العملِ به، قال الجرجاني: “هو بيان تخلفِ الحكم المدّعَى ثبوتُه أو نفيُه عن دليلِ المعلّل الدالّ عليه في بعضٍ من الصور؛ فإن وقع بمنع شيءٍ مِن مقدماتِ الدليل على الإجمالِ، سمي نقضًا إجماليًّا؛ لأن حاصله يرجع إلى منع شيء من مقدمات الدليل على الإجمال، وإن وقعَ بالمنع المجرد، أو مع السندِ، سمي نقضًا تفصيليًّا؛ لأنه منع مقدمة معينة” [التعريفات:81]، والأصل في الشريعة الإسلامية أن حكم الحاكم لا يُنقض إلا إذا خالف النصُّ آيةً، أو سنةً، أو إجماعًا، أو قياسًا، أو قاعدةً من القواعدِ العامة، وقد بيّن القرافي رحمه الله في الفرق الثالث والعشرين والمائتين بين قاعدة ما ينفذ من تصرفات الولاة والقضاة وبين قاعدة ما لا ينفذ من ذلك، فقال مبينًا ذلك: “وهو الحكم الذي خالف أحد أربعة أمور؛ إذا حكم على خلاف الإجماع ينقض قضاؤه، أو خلاف النص السالم عن المعارض، أو القياس الجلي السالم عن المعارض، أو قاعدة من القواعد السالمة عن المعارض، ولا بدّ في الجميع من اشتراط السلامة عن المعارض” [الفروق:4/40]، ولنقض الحكم في الشريعة الإسلامية ضوابط يُرجع إليها في مظانّها، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
17/ربيع الأول/1440هـ
25/11/2019م