منع الزوجة من الرجوع لبيت زوجها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3698)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
وقع خلاف بيني وبين زوجتي، بقيتْ على إثرهِ عند أهلها، حاولتُ كثيرًا الصّلح، لكن رفضَ أهلُها ذلك، مع العلم أنّها ترغبُ في الصّلح، ورفع أهلها دعوى طلاق لدى القاضي، تمّ تعيين حَكمين للصّلح، هما شقيقي وشقيقُها، فأخبر شقيقُها بعدم رغبة أخته في الصّلح، غير أنّه لم يكن صادقًا في ذلك، علمًا بأنّي قد أخذت إذنًا من المحكمة لزيارة ابنتي، بعد أن منعوني من رؤيتها ودّيًّا، فما حكم طاعة الزّوجة لأهلها في عدم رجوعها لزوجها؟ وما حكم فعل أهلها لذلك، وإصرارهم على تطليقها؟ وما حكم لجوئي للقضاء لأخذ إذن بالزّيارة لابنتي، والاستعانة بالشّرطة في ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإن كان الحالُ كما ذكر، فإنّه لا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها لغير ضرورة، إلاّ بإذنه، ويجب عليها طاعته في المعروف، قال تعالى: (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) [النّساء:34]، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنّما الطّاعة فِي المَعرُوفِ) [البخاري:6830،مسلم:1840]، ولا يحل لها طاعة أهلها فيما يغضب ربها ويوجبُ سخطَه، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (لاَ طَاعَةَ لمَخلُوقٍ فِي مَعصِيَةِ الخَالِقِ) [مسندأحمد:1095]، ولا يحلّ لأهل المرأة تحريضُ ابنتهم ومساندتها على ما يخلّ بحقوق الزّوج، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا) [أبوداود:2175]، بل الواجب إصلاح ذات بينهما، قال تعالى: (فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ)[الأنفال:1].
وأمّا اللّجوء للمحاكم والاستعانة بالشّرطة، فإنّ من له حقّ، وتعذّر الحصول عليه إلاّ عن طريق القضاء، فلا بأسَ أن يعمل في استردادِ حقّه بالطّرق المعهودة في التّقاضي والخصومات، ورفع دعواه إلى المحاكم، والاستعانة بالأجهزة المختصّة؛ لتنظر في ذلك، وتفصل في النّزاع.
عليه؛ فلا يحقّ لزوجتك الامتناع عن الرّجوع والبقاء في بيت أهلها، فإن امتنعت عن الرّجوع من غير عذر شرعيّ كانت ناشزًا، ولا يجوز لأهلها أن يمنعوها من بيت زوجها، وفعلهم ذلك دون سبب مشروع مِن المنكر، لأنّ طاعة الزّوج في هذه المسألة مقدّمة على طاعة الأهل، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
04/ربيع الآخر/1440هـ
11/12/2018م