بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4545)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
رجل وامرأة يريدان بعضهما، لكن أهلهما غير موافقين على ارتباطهما، فهربَا إلى مدينة أخرى، وعاشَا معًا دون زواج، وكان يواقعُها، فأنجبت ابنين على مدار سنتين، ثم عقد عليها عقدًا شرعيًّا بعد موافقة أهلهما، وأنجبت بعد العقد ابنةً، فهل يصح أن ينسب الابنان المولودان قبل عقد الزواج لأبيهما؟ علما أن الرجل والمرأة مقرّان بأن الأولاد من صلبيهما، وأن المرأة لم تكن متزوجةً عند هروبهما.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالأصل الذي عليه جمهور أهل العلم؛ أن ولد الزنا لا ينسب إلّا لأمه، ولا ينسبُ للزاني، ومن أهل العلم من يُجوّز نسبته إلى الزاني إذا ادعاه، ولم تكن المرأة ذات زوج، وهو قول إسحاق بن راهويه، والحسن البصري، وعروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، ومحمد بن سيرين، وعطاء بن أبي رباح رحمة الله عليهم جميعًا، وهو منقول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ذكر ذلك كله ابن القيم رحمه الله، مستدلًّا بحديث جريج الراهب، عندما رمته امرأة بالزنا، وولدت غلامًا، وفيه سؤال جريج للغلام: “مَنْ أَبُوكَ؟ فقال الغلام: الراعي، فأنطقه الله باسم أبيه” [البخاري: 2482]، وقال في الاستدلال به: “وَهَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى فَلَا يَكُونُ خَطَأً” [زاد المعاد: 5/425].
وعليه؛ فلا بأس من الأخذ بهذا القول المخالف للجمهور؛ نظرًا لتشوف الشارعِ لحفظِ الأنساب، ورعايةِ الأولاد، وحمايتِهم من التشرد والضياعِ، وفي نسبة الولدين لأبيهما تحقيقٌ لهذه المصلحة، وتتميمٌ للستر على الزوجين، وحينئذ يجري عليهما ما يجري على الأولادِ من الميراث، ونحو ذلك، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
10//ذو القعدة//1442هـ
20//06//2021م