بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5887)
ورد إلى دار الإفتاء اللّيبيّة السّؤال التّالي:
نحن شركة (س) لنقل الرّكاب وشحن البضائع، نعمل من خلال تطبيق (وسيلة) للرّبط بين الزّبون والسّائق، الرّاغبِ في تقديم خدمات نقل الرّكاب أو شحن البضائع، وكيفيّة العمل الحاليّة: أنّه عندما يقوم الزّبون بطلب رحلة، تظهر له تكلفة الرّحلة عند تأكيد الطّلب، وبعدها يقوم التّطبيق بالبحث عن أقرب سائق للزّبون، بعد ذلك يظهر للسّائق ثمن الرّحلة ومكان الوجهة، ويكون للسّائق كامل الحرّيّة في قَبول الطّلب بعد معرفة التّفاصيل، بما في ذلك ثمن الرّحلة، فهل يرتفعُ الجهلُ بذلك؟ علما أنّ الشركة تأخذ عمولة تبلغ 10% من كل رحلة يتم تنفيذها من قبل السائق، ويتم إخطار السائق بهذه النسبة قبل التسجيل، ويتم خصمها من محفظة السائق داخل التطبيق، وتعرض تفاصيل الخصم بعد كل رحلة في سجل المعاملات داخل التطبيق، بحيث يُسْمَحُ بوصول الدَّيْنِ المستحق إلى سالب (30) دينارا، وبعد ذلك يتعيّن على السّائقين تسديد الرّسوم.
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فالوساطةُ بين الشركة المذكورة وبين السائقِ والزبونِ من قبيل السمسرة، وهي مِن الجعالة، لأنها تقوم بربطِ الزبون بالسائق الراغبِ في توصيله، وتتقاضى على ذلك نسبةً من الأجرة إن تم التوصيل، وهذه الوساطة جائزةٌ، قال سحنون: “هَلْ يَجُوزُ أَجْرُ السِّمْسَارِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْبَزَّازِ يَدْفَعُ إلَيْهِ الرَّجُلُ الْمَالَ يَشْتَرِي لَهُ بِهِ بَزًّا وَيَجْعَلُ لَهُ فِي كُلِّ مِائَةٍ يَشْتَرِي لَهُ بِهَا بَزًّا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ؟ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، فَقُلْتُ: أَمِنْ الْجُعْلِ هَذَا أَمْ مَنْ الْإِجَارَةِ؟ قَالَ: هَذَا مِنْ الْجُعْلِ” [المدوّنة: 3/466]، ويشترط في الجعالة كما في عقد الإجارة العلم بالعوضين، العوض الذي يأخذه السّائق من الزّبائن وهو إجارة، وَالعوض الذي تأخذه الشّركة من السائق وهو الجعل، قال اللّخمي: “الْجُعْلُ يَصحّ بِثَلاثةِ شُرُوطٍ: أَن يَكونَ فِيمَا يَقِلّ الِاشتِغَالُ بِهِ، وَإن تَرَكَ قَبلَ التَّمَامِ لَم يَنتَفِعِ المَجعُولُ لَهُ بِشَيْءٍ، وَأَن يَكُونَ الْجُعْلُ مَعْلُومًا… وَالْجَعَالَةُ الْجَائِزَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ هِيَ: أَن يُسَمّيَ الثَّمَنَ وَالْجُعلَ، أَوْ يُسَميَ الْجُعْلَ وَيُفَوّضَ إِلَيْهِ فِي الثَّمَنِ، أَوْ يُسَمّيَ الثَّمَنَ وَلاَ يُسَمّيَ الْجُعْلَ إِلاَّ أَن الْعَادَةَ جَرَتْ فِي ذَلِكَ الْمَبِيعِ عَلَى جُعْلٍ مَعْلُومٍ. وَيَجُوزُ أَيْضًا أَن يُفَوّضَ إِلَيْهِ فِي الثَّمَنِ وَلاَ يُسَمّيَ الْجُعْلَ إِذَا كَانَتْ لِلنَّاسِ عَادَة ِفي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَبِيعِ عَلَى جُعْلٍ مَعْلُومٍ” [التبصرة: 10/4928-4930].
عليه؛ فالطريقة المتبعة في التعاقد كما جاء في السؤال صحيحةٌ شرعًا، لانتفاء الجهالة في الأجرة، وسلامة التعامل عن طريق المحفظة من اجتماع الإجارة والقرض، ومن الضمان بجعل، والتكسب من خلال هذا التطبيق جائزٌ، وحلالٌ شرعًا، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن بن حسين قدوع
حسن بن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
28//جمادى الآخرة//1446هـ
30//12//2024م