بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4546)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
قسم والدي حال حياته لكل واحد من أبنائه الذكور قطعة أرض، لكل واحد منهم 5000 حصة على الشيوع، دون البنات، لغرض أن نستثمر فيها، واستخرجنا شهادة عقارية بأسمائنا، ثم توفي ولم تقسم، ولم يتصرف أحد منا في نصيبه، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن القسمة المذكورة تعدّ هبة، والهبة شرطها حصول الحيازة في حياة الواهب، واختصاص الموهوب له بالتصرف فيها تصرف الملاك في حياة الواهب، برفعِ يدهِ عنها بالكلية، قال ابن أبي زيد القيرواني: “ولاَ تَتِم هِبَة، وَلَا صَدَقَة، وَلَا حُبُسٌ، إِلاّ بِالحِيَازَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ عَنْهُ فَهِيَ مِيرَاث”[الرسالة: 117]، والحيازة كما قال أبو الحسن المنوفي رحمه الله: “هِيَ وَضْعُ اليَدِ، وَالتَّصَرُّفُ فِي الشَّيْءِ الْمَحُوزِ كَتَصَرُّفِ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ؛ بِالْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ، وَالْهَدْمِ، وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوهٍ التَّصَرُّفُ” [كفاية الطالب الرباني: 2/482[.
عليه؛ فإنْ كان الواقع ما ذكر في السؤال، فإن هبة الأرض المذكورة غير نافذة، لعدم حيازة الأبناء لها، وترجع تركةً، تقسم على جميعِ الورثة الأحياءِ يومَ وفاةِ المورث، حسبَ الفريضة الشرعية، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن حسين قدوع
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
10//ذو القعدة//1442هـ
20//06//2021م
حياكم الله
ألا يعكر على ما ذكرتم أن في الهبة الأرض لا تشترط الحيازة، وإنما يكفي الإشهاد خلاف حيازة المسكون والملبوس؛ ففي شرح ابن الناظم على تحفة أبيه عن الشيخ أبي القاسم العبدوسي أنه أفتى في رجل وهب ابنه الصغير في حجره فدانا …..فأجاب: مذهب ابن القاسم وحكاه مطرف عن مالك وقال به الماجشون وأصبغ: : إن لأب لو تمادي على الانتفاع به بغير حيازة، ولا تعيين كراء ما ضر ذلك في الحيازة، فأحرىمع الحيازة، وتعييـن الـكـراء، فإن حـيـازة هـذا يكفي فيها الإشهاد خـاصة خـلاف حيازة المسكون والملبوس؛ فعلى هذا القول لا يحتاج إلى شيء.