هبة باطلة وقسمة وفريضة 217
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3392)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
ماتت امرأة عن زوج وأربع بنات، فأراد زوجها أن يتزوج، فاشترطت بناته عليه أن يكتب بيت سكناه الوحيد باسمهنّ، ففعل ذلك عن طريق محرر عقود، ولم يسجله بالسجل العقاري، ثم تزوج، وبقي ساكنا بزوجته في نفس البيت مع بناته، ثم تزوَّجت بناته الأربع، وخرجن من البيت، وبعد سنين مرض، فقامت إحدى بناته وزوجها بعلاجه، وصرفوا مبلغ (19,450) دينارا، ثم توفي الأب، ولم يترك شيئا إلا البيت الذي كتبه لبناته، ومات وهو مقيم فيه، فمن أين يؤخذ مؤخر صداق زوجتيه، وثُمنهما في ميراثه، والمبلغ الذي دفعته ابنته وزوجها في علاجه؟ أم أن البيت يقوّم ويأخذ كل ذي حق حقه؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ هذا التنازل المذكور من قبيل الهبةِ، ومِن شروط الهبة أن يحوزَها الموهوب له في حياة الواهبِ، ويتصرفَ فيها تصرفَ المالكِ في ملكه، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة، فإن ماتَ قبل أن تحازَ فهي ميراث” [الرسالة:117].
وعليه؛ فإنْ كان الواقع ما ذكر في السؤال، من أن الواهب بقي ساكنا في البيت الموهوب حتى مات، فإن الهبة باطلةٌ، ويرجع البيت ميراثًا، يُقوّم ويُباع، ثم تخرج الديون؛ وهي مؤخر صداق الزوجتين، ومصروف العلاج، ويقسم مؤخر صداق الزوجة المتوفاة بين ورثتها، الأحياء يوم وفاتها، فيكون لزوجها الربع، ولبناتها الثلثان، والباقي لأقرب رجل ذكر من عصبتها، ويقسم الباقي من ثَمن البيت وربعه في زوجته حسب الفريضة، على ورثته الأحياء يوم توفي، فيكون لزوجته الثانية الثمن، ولبناته الأربع الثلثان، والباقي لأقرب ذكر للميت من عصبته، وليس لزوجته الأولى نصيب في ميراثه؛ لأنها توفيت قبله، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
19/المحرم/1439هـ
09/أكتوبر/2017م