بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4245)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
قَسَّم والدي أملاكه في حياته على جميع أبنائه، وحاز كل نصيبه، عدا قطعة أرض خصصها لتقسم بين البنات وابن ابنه، فلم تتم حيازتها والتصرف فيها من أحد، وبقيت كما هي إلى أن توفى، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن القسمة المذكورة تعدّ هبة، والهبة شرطها حصول الحيازة في حياة الواهب، واختصاص الموهوب له بالتصرف فيها تصرف الملاك في حياة الواهب، برفعِ يدهِ عنها بالكلية، قال ابن أبي زيد القيرواني: “ولاَ تَتِم هِبَة، وَلَا صَدَقَة، وَلَا حُبُسٌ، إِلاّ بِالحِيَازَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ عَنْهُ فَهِيَ مِيرَاث” [الرسالة: 117]، وفي الموطأ: (أن أبا بكر الصديق كان نَحَلَ عائشة جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بِالْغَابَةِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: وَاللَّهِ يَا بُنَيَّةُ مَا مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبّ إِلَيَّ غِنًى بَعْدِي مِنْكِ، وَلَا أَعَزُّ عَلَيَّ فَقْرًا بَعْدِي مِنْكِ، وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا، فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كَانَ لَكِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ، وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ، فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ؛ وَاللَّهِ لَوْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لَتَرَكْتُهُ، إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ، فَمَنْ الْأُخْرَى؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ذُو بَطْنِ بِنْتِ خَارِجَةَ، أُرَاهَا جَارِيَةً) [الموطأ:1474].
عليه؛ فإنْ كان الواقع ما ذكر في السؤال، فإن هبة الأرض المذكورة تعد باطلة، وترجع تركةً، تقسم على جميعِ الورثة الأحياءِ يومَ وفاةِ المورث، حسبَ الفريضة الشرعية، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
17//صفر//1442هـ
05//10//2020م