بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1945)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
تنازل زوجي لي ولولدي وبنتي، عن عمارة مكونة من ثلاثة طوابق، لكل واحد منّا طابق، ثم بنى عليها بناء مخالفًا من دورين، ولم أعلم بالتنازل إلا بعد وفاته بأشهر، فهل عقد التنازل المذكور صحيح يعتد به شرعًا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أما بعد:
فإن التنازل من قبيل الهبة، ومن شرط الهبة تمام الحيازة، وذلك بأن يقبل الموهوب الهبة، ويتصرف فيها تصرف الملَّاك في حياة الواهب؛ كي تتحقق الحيازة الشرعية التي ينتقل بها الملك، ففي الموطأ عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إن أبا بكر الصديق كان نحلها جادّ عشرين وسقًا من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة قال: والله يا بنية ما من الناس أحدٌ أحب إلي غنى بعدي منك، ولا أعز علي فقرا بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقا، فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك، فاقتسموه على كتاب الله) [الموطأ:2202]. قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: (ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة، فإن مات قبل أن تحاز فهي ميراث) [الرسالة:117].
وعليه؛ فإذا كان الأمر كما ورد في السؤال: من أن الموهوبَ لهم لم يتصرفوا بشيء في العمارة المذكورة في حياة الواهب، فإن الهبة غير نافذةٍ شرعًا، وتُعدُّ العمارة تركة، تقسم على جميع الورثة، حسب الفريضة الشرعية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
محمد الهادي كريدان
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
6/رجب/1435هـ
2014/5/5م