بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3851)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تنازل أب وأم عن نصيبهما في منزلِ ابنهما المتوفى، لأحِد أبنائهما، ولم يعلمْ بقيةُ الأبناء بهذا التنازل حتى وفاةِ الأبِ والأم، مع العلم أن الأب والأم وبقية الأبناء يقيمون بهذا المنزل، أما الابن المتنازَل له فلا يقيم به، فما صحة هذا التنازل؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن هبة نصيبٍ من تركةٍ لم تقسم تعدّ هبةً على الشّيوع، والهبة على الشّيوع جائزةٌ، بشرط أن يحوزها الموهوب له في حياة الواهب، قال ابن أبي زيد رحمه الله: “وَلاَ تَتِمُّ هِبَةٌ وَلاَ صَدَقَةٌ وَلاَ حُبُسٌ إِلاَّ بِالحِيَازَةِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ فَهْي مِيرَاثٌ”[الرسالة:117]، والحيازة كما قال أبو الحسن المنوفي رحمه الله: “هيَ وَضْعُ اليَدِ وَالتَّصَرُّفُ فِي الشَّيْءِ المحَوُزِ كتَصَرُّفِ الماَلِكِ في ملكِهِ بالبِنَاءِ والغَرْسِ والْهَدْمِ وَغَيْرِهِ مِن وُجُوهِ التَّصَرُّفِ” [كفاية الطالب الرباني:2/482].
ويُكتفى في هبة الشيوع بالسكنى والارتفاق بالمنافع، قال الونشريسي رحمه الله: “وَسُئِلَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ اللُّؤْلُؤِيُّ عَنْ رَجُلٍ وَهَبَ نِصْفَ دَارِهِ، وَهْوَ سَاكِنٌ فِيهَا، فَدَخَلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَسَاكَنَهُ فِيهَا، وَصَارَ حَائِزًا بِالسّكْنَى وَالارْتِفَاقِ بِمَنَافِعِ الدَّارِ، وَالوَاهِبُ مَعَهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَفْعَلُهُ الشَّرِيكَانِ فِي السُّكْنَى؟ فَأَجَابَ: ذَلِكَ حَوْزٌ تَامٌّ، وَالْهِبَةُ نَافِذَةٌ لَهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ وَهَبَ جُزْءًا مِنْ مَالٍ أَوْ دَارٍ، وَتَوَلَى احْتِيَازَ ذَلِكَ مَعَ وَاهِبِهِ، وَشَارَكَهُ فِي الاغْتِلَالِ وَالارْتِفَاقِ، فَهْوَ قَبْضٌ وَحَوْزٌ” [المعيار المعرب: 9/196].
عليه؛ فإن لم يسكن الابن المتنازل له البيتَ قبل وفاة والديه، فإن هذا التنازل في حصتهما من المنزل فاسدٌ؛ لفقد شرطهِ وهو الحوز، أما إن سكن البيت قبل وفاتهما فتنازلهما صحيحٌ ماضٍ، ولا يضرّ عدمُ علمِ بقيةِ الأبناءِ بالتنازلِ، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
18//رجب//1440هـ
25//03//2019م