هبة ووصية لمفقود
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2443)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أخي مفقود منذ قرابة عشر سنوات، حيث فرَّ مِن بطش أعوان النظام السابق، ولا ندري أين ذهب، وقمنا بالبحث عنه في عدة دول عربية، وعن طريق مؤسسات محلية ودولية، ولكن دون جدوى، وقمنا بفرز نصيبه من تركة أرض، تمتْ قسمتها بين الورثة حسب الفريضة الشرعية، فقامت الوالدة ببناء بيت له على قطعته من مالها، وأوصت أن يعطى له إذا رجع، والآن بعد وفاة الوالدة، ما حكم هذه القطعة والبيت المبني عليها؟ علما بأنه لم يكن متزوجا، ولا ندري حاله اليوم.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنه لا يحكم بوفاة المفقود الذي لا يعلم حاله إلا بعد انقضاء مدة التعمير، وهي سبعون سنة بأن يصل عمره من يوم ولادته إلى هذا الحد، والحكم بالوفاة يتطلب رفع دعوى، وحكم بالوفاة من المحكمة المختصة، ويرثه حينئذ مَن كان حيا من ورثته بعد الحكم بموته، وعليه؛ فإن ميراث أخيك يبقى له حتى تتحققوا من موته بأنفسكم، أو يحكم القاضي بذلك، والأرض التي بني عليها البيت هي من ماله، وتكون لورثته، أما البناء الذي تبرعت به الوالدة فهو هبة لم تتم حيازتها، فترجع ميراثا لورثة الواهبة، إلا إذا أجاز الورثة التنازل، وأما وصية الوالدة فهي وصية لوارث لا تصح.
قال ابن رشد رحمه الله: “وأما ماله، [أي: المفقود] فموقوف، لا يورث عنه حتى يتحقق موته، أو يأتي عليه من الزمان ما لا يحيا إلى مثله، واختلف في حد ذلك، فروي عن ابن القاسم سبعون سنة، وقاله مالك، وإليه ذهب عبد الوهاب، واحتج له بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين)؛ إذ لا معنى لقوله إلا الإخبار بما يتعلق به الحكم” [المقدمات والممهدات:531/1]، وفي المدونة: “إنما يرث المفقود ورثته الأحياء يوم جعلته ميتا” [33/2]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
محمد الهادي كريدان
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
27/شعبان/1436هـ
14/يونيو/2015م