بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3401)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
شخصٌ طلق زوجته في المحكمة، طلاقًا بائنًا بينونة كبرى، وله منها خمسة أولاد بالغون، ذكورا وإناثا (الأكبر 22 سنة، والصغرى 12 سنة)، وتزوج غيرها، وأنجب منها ابنًا، وبعد سنوات خرج يومًا من بيته مدعيًا أنه ذاهبٌ لعمل، ثم تبين أنه مقيم مع مطلقته وأولاده، فلما واجهته زوجته وطالبته بالرجوع، وأنه لا يجوز له الإقامة مع امرأة محرمة عليه، قال: أنا مقيم مع أولادي، وليس مع المطلقة، وأنه لا يستطيع الرجوع الآن إلى بيت الزوجية، بحجة متابعة أولاده، وأن ثمت مشكلة مع الأولاد، لا يستطيع البوح بها الآن، فما حكم إقامته مع المطلقة لمدة أربعة أشهر، وترك بيت الزوجية؟ وما حكم هجر الزوجة، وتعريضها للإهانة وكلام الناس من غير ذنب، بل مع إحسانها وتفانيها في خدمة زوجها باعترافه؟ علما بأنه طيلة الأربعة أشهر كان يأتي إلى بيت الزوجية؛ ليعطيهم مصروفهم، ويوفر لهم بعض المطالب، ولكنه أغلب الوقت في بيت المطلقة، ولا يبيت إلا هناك، ويعِدُ زوجته بالرجوع ويخلف، ولم يتبين بالسؤال أنّ لأولادهِ مشاكل أو نحو ذلك، كما يقول، وتقول الزوجة: مهما حصل، لا تطاوعني نفسي أن أرفع دعوى ضده في القضاء، وكذلك: ما حكم امتناع الزوجة في هذه الفترة عن تلبية رغبة زوجها في الفراش؛ لأنها تشعر بالإهانة، وكأنها عشيقةٌ لا زوجة، وحتى تضغط عليه ليرجع إلى بيت الزوجية؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإذا طلَّق الزوجُ امرأتَه، وبانت منه، فإنها تصير أجنبية عنه؛ يلزمها الاحتجاب منه، ولا يحل له الخلوة بها، ولا مصافحتها، ولا النظر إليها، وبقاؤهما معا في بيت واحد هو موضع ريبة، وذريعة إلى الفتنة والوقوع في المحذور.
والواجب على كلا الزوجينِ حسنُ العشرة، وعدم الإخلال بحقٍّ مِن حقوقِ الآخرِ، وترك الزوجة أغلب الوقت بلا سبب والإضرار بها لا يجوز، وينافي ما أمر الله تعالى به من حسن العشرة؛ قال تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [النساء:19]، ولا يجوز للزوجة الامتناع إذا دعاها الزوج إلى فراشِه، ولها الحقُّ في رفعِ دعوَى عليه إلى القضاء؛ بالرجوعِ إلى البيت، أو تطلق عليه للضررِ، وتنصحُ الزوجة بالصبر، مع محاولةِ الإصلاح؛ حفاظًا على بيتها وولدِها مِن الفرقة والشّقاق، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
04/صفر/1439هـ
24/أكتوبر/2017م