هجر تارك الصلاة ومن يسب الله والدين
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5456)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أخي الكبير لا يصلي، ويسبُّ الله، ويسبُّ دينه إذا غضِب، في شهر رمضان وفي غيره؛ فهجرتُهُ لذلك، وأمرتُ أخي الأصغر بهجره، فهل ما فعلتُهُ صحيحٌ؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فلا شكّ أن سبّ الله تبارك وتعالى، وسبّ الدين، من أعظم المنكرات، وهو ردةٌ عن دينِ الإسلام، وخروجٌ من الملة – عياذًا بالله – قال القاضي عياض رحمه الله: “لَا خِلَافَ أَنَّ سَابّ اللهِ تَعَالَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَافِرٌ، حَلَالُ الدَّمِ” [الشفا: 2/270]، وقال ابن راهويه رحمه الله: “وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَنْ سَبّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، أَوْ سَبَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم … وَهْوَ مَعَ ذَلِكَ مُقِرٌّ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، أَنَّهُ كَافِرٌ” [التمهيد: 4/226]، ولقد استفاض النقل عن العلماء في كتبهم، أنّ سبَّ اللهِ والدينِ ردةٌ عن دين الإسلام.
وتاركُ الصلاة تهاوُنًا وكسلًا مرتكِبٌ لكبيرة من كبائر الذنوب، حكمه أنه يقتل حدًّا، فيُمهلُ لآخر الوقت الضروري، فإن لم يُصلِّ أقيم عليه الحد، وتاركها جحودًا يُسْتتابُ ثلاثة أيامٍ، فإن لم يتُبْ قُتل كفرًا، قال خليل رحمه الله: “وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا أُخِّرَ لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مِنَ الضَّرُورِيِّ، وَقُتِلَ بِالسَّيْفِ حَدًّا وَلَوْ قَالَ: أَنَا أَفْعَلُ، … وَالْجَاحِدُ كَافِرٌ” [المختصر: 28].
عليه؛ فيجب على من ابتلي بقريب أو صاحب أو جار تاركٍ للصلاة أو سابٍّ للدين مواصلته وترك هجره إن كانت مخالطته ومناصحته يرجى بها نفعه وإصلاحه؛ لأن في مخالطته إصلاحا.
وإن كان تركه وهجره أفيد وأصلح لأمره، فالواجب على قراباته وأصدقائه وجيرانه هجرانه؛ لما يحدثه النبذ والهجران من الأذى الشديد الذي يجعله يفكر بما ارتكبه من آثام، وقد يراجع نفسه ويتوب، وقد أمر الله تبارك وتعالى المسلمين أن يجتنبوا الثلاثة الذين تخلفوا عن الجهاد في غزوة تبوك، وكان لاجتنابهم أثر كبير على نفوسهم استشعروا به عظيم ما ارتكبوه من الذنب، حتى قال الله تعالى فيهم من شدة ما أصابهم: ﴿حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ﴾ [التوبة: 118].
والواجب على الجهات المسؤولة في الدولة تجاه من يثبتُ عليه سبُّ الله أو تركه للصلاة، أن تُقيم عليه حكم الشرع بعد استتابته، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
26//جمادى الآخرة//1445هـ
08//01//2024م