طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوىالنكاح

هل التصفيح من عيوب النكاح التي يرد بها؟ وهل يسقط به المهر؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5962)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

رجلٌ تزوج من امرأةٍ قام أهلُها بتصفيحها عندما كانت صغيرة، ثم قامُوا يوم الزفافِ بتصفيحٍ آخر لفكِّ التصفيح الأول، ولم تخبرهُ هي ولا وليّ أمرها، وصارت يُغمَى عليها وتمرض كثيرًا، وتأثرت علاقتها بزوجها كثيرًا، ولم يعرف الزوج أنها مصفحةٌ إلا بعد خمسِ سنوات، وسعى في علاجها عشرين سنةً، ولا تزال على حالها، أنجبتْ له خمسة أولاد، ولم يهنأ بعيش معها، وقرَّر زوجُهَا الآنَ أن يطلقها.

فهل يحقّ للزوجِ طلاقُها وعدمُ إعطائها المؤخَّرَ؛ لأنهم لم يخبروه بأمر التصفيح؟ وهل يحق لها رؤية أولادها بعد الطلاق؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنَّ (التصفيح) المذكور من السحر، وهو من الكبائر الموبقات، ولا يجوزُ لمسلم فعله، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَنْ أَتَى كَاهِناً أَوْ عَرَّافًا فَسَأَلَهُ، لَمْ تُقبَلْ مِنْهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا) [مسلم: 2230].

وإذا كان بالمرأة مرض أو مس كما ذكر في السؤال، وهي ضحية للجهل المنتشر في كثير من بلاد الإسلام؛ فمن حُسن العشرة أن يصبرَ الزوج على زوجته في مرضها، وأن يسعى في علاجها بالطرق المشروعة، وألَّا يتسرع في إيقاع الطلاق؛ حفاظًا على أولاده من التشتت والضياع، فإن لم يرد الصبر عليها رجاء أن ينصلح أمرها، وضاق بالأمر ذرعًا؛ فله الحق في طلاقها.

وليس السحر من العيوب التي تسقط المهر عن الزوج؛ لأنه من الأمور العارضةِ، التي يمكن رفعها بإذن الله، وليس من الأمراض الخِلقية التي تعطي الخيار للزوج في ردّ النكاح.

وعليه؛ فإن كان الحال كما ذكر؛ فيحسن بالزوج أن يستمر في صبره على زوجته، ويسعى في علاجها قدر استطاعته بالطرق المشروعة، ويجوز له طلاقها إذا تضرر من حالها ولم يصبر عليها، لكن يجب عليه أن يوفي لها الصداق المؤخّر كاملا.

وإذا طلقها فحضانة أبنائها قبل البلوغ حقٌّ لها، ما لم تتزوج، وما لم يخش على الأولاد الضرر من السحر، وأما منعها من رؤية أولادها فحرامٌ شرعًا، لأنه من التفريق بين الأم وولدها، في الحديث: (‌مَنْ ‌فَرَّقَ ‌بَيْنَ ‌الوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا؛ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ) [الترمذي: 1283]. والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

10//رمضان//1446هـ

10//03//2025م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق