بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4877)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
قسَّم رجلٌ أملاكه على أفراد عائلته، فكان نصيبُ زوجتيه من القسمة لكلِّ واحدة المنزل الذي تسكنه، ووثقَ الهبةَ عند محرر للعقود، واستُخرِجت شهادةٌ عقاريةٌ بذلك، وظلَّ ساكنًا بالمنزلين، يتصرف فيهما حتى توفي، فما حكم هذه الهبة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنَّ من شرط تمام الهبةِ أن يحوزها الموهوب له في حياة الواهب، ويتصرف فيها تصرف المالك في ملكه، قال ابن أبي زيد القيروانيّ رحمه الله: “وَلَا تَتِمُّ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا حُبُسٌ إِلاَّ بِالْحِيَازَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ فَهِيَ مِيرَاثٌ” [الرسالة: 117]، وهبة الزّوج دار سكناه لزوجته لا تصحّ، ما دام ساكنًا معها في الدار نفسها؛ لأنه لا تتأتّى لها حيازتها، حيث إن سكناها فيها تبعٌ له، فلا تعد الهبة صحيحة؛ قال الدردير رحمه الله: “(وَ) صَحَّتْ (هِبَةُ زَوْجَةٍ دَارَ سُكْنَاهَا لِزَوْجِهَا، لاَ الْعَكْسُ) وَهْوَ هِبَةُ الزَّوْجِ دَارَ سُكْنَاهُ لِزَوْجَتِهِ، فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْحَوْزِ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى لِلرَّجُلِ لاَ لِلْمَرْأَةِ، فَإِنَّهَا تَبَعٌ لَهُ” [الشرح الكبير: 4/106].
عليه؛ فإنْ بقيَ المنزلانِ تحتَ تصرفِ الزوج، ولم يرفع يدهُ عنهما، إلى أنْ ماتَ، فإنّ الهبة باطلةٌ، ويكونُ المنزلان ميراثًا، يقسمُ على جميع ورثةِ الزوج، حسبَ الفريضة الشرعية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
19//ذي القعدة//1443هـ
19//06//2022م