هل تجب الدية على سائق مركبة اصطدم به آخر خطأً فمات؟
هل من تسبب في ارتكاب حادث وصدم غيره ومات بسببه تجب له الدية؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4881)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تعرضتُ لحادثِ سيرٍ في الطريق الساحليّ، وكانت سرعتي تتراوح ما بين 90 إلى 100 كم/س، حيث خرجتْ سيارةٌ من مسارها، كانت متجهةً من الغرب إلى الشرق، ودخلتْ في الطريق الآخر، واصطدمتُ بها، رغم محاولتي تفاديها دونَ جدوى، كما في محضر المرور وشهادة الشاهدِ المرفقة، وقد توفي السائق بعد خمسة أيام، فماذا يجب عليَّ؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فالمرجع والمعوّل عليه في تحديدِ الخطأِ، هو التفريط والتهاون في الشروط المطلوبة عند قيادة المركبات، وهي التي يسبب فقدها تأثيرا في وقوع الحادث، مثل صلاحية السيارة للسير على الطرقات، والفحص الفني أو خلل الفرامل، أو السرعة الزائدة، ومثل فقد الإنارة الكافية إذا كان في الليل، وما إلى ذلك، وقد تبين مِن تقرير المرور المرفقِ عدم تفريط السائق في ذلك؛ أما التأمين المنتهي فغير مؤثر؛ لأنه في الغالب تأمين تجاري غير مشروع، وكذلك الدمغة لا تأثير لها في الحادث، فلا يطالب السائق بما ترتب على الحادث من قتل الطرف الآخر الذي صدمه؛ لأنه فعل ما يجوز له من السير في الطريق، ولم يكن متسببا في القتل، قال الشّيخ ميّارة رحمه الله: “مِنْ قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ، أَنَّ كُلَّ مَن فَعَلَ فِعْلاً يَجُوزُ لَهُ، فَنَشَأَ عَنْهُ تَلَفُ نَفْسٍ أَوْ فَسَادُ مَالٍ، فَإِنَّهُ لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ” [شرح تكميل المنهج: 428]، وسائقُ السيارة الأخرَى، التي خرجتْ من طريقها ودخلتْ في الطريق المعاكس، يعتبرُ متسببًا في ارتكابِ الحادثِ الذي ماتَ منه، فالظاهر أن دمَه هدرٌ، لا شيء فيه؛ لأنه صدم غيره فأتلفَ نفسه، مثل مَن وقع على غيره فأصاب نفسه، قال ابن أبي زيد رحمه الله: “وَقَدْ قَضَى شُرَيْحٌ فِي غُلَامٍ سَقَطَ عَلَى غُلَامٍ، فَانشَجّ الْأَسْفَلُ وَانْكَسَرَ الْأَعْلَى؛ أَنْ يَضْمَنَ الْأَعْلَى شَجّة الْأَسْفَلِ، قَالَ ابْنُ الْمَوّازِ: وَهْوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا، قَالَ أَشْهَبُ: وَهَذَا مِثْلُ الَّذِي خَرّ عَلَى الْآخَرِ. وَلَكِنْ لَوْ أُصِيبَ الْخَارّ، وَسَلِمَ الْأَسْفَل، كَانَ ذَلِكَ هَدَراً، وَلاَ شَيْءَ عَلَى الْأَسْفَلِ” [النوادر والزيادات: 13/531]، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
حسن بن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
21//ذي القعدة//1443هـ
21//06//2022م