بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4711)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
نحن عائلة ع، نملكُ قطعة أرض في منطقة سوق الجمعة، تحتوي على اثنتين وعشرين نخلة موقوفة على سيدي عبد القادر الكيلاني، استولت الدولة على الأرض غصبًا، وخصصتها لمصلحة حكومية، وقلعت ما بها من نخلات، ثم رُدَّتِ الأرض لنا، فهل حكم الوقف باقٍ بعد قلع النخلات؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالعقدُ على الشجر بوقفٍ أو غيره يتناولُ موضعها من الأرضِ التي غُرستْ بها، قال الخرشي رحمه الله: “مَنْ عَقَدَ عَلَى بِنَاءٍ أَوْ عَلَى شَجَرٍ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْأَرْضَ الَّتِي هُمَا فِيهَا، …، وَالْعَقْدُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيْعًا أَوْ وَصِيَّةً أَوْ رَهْنًا أَوْ وَقْفًا أَوْ هِبَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ” [شرح مختصر خليل للخرشي: 5/180].
فمن أوقف نخلًا مثلًا، تناول الوقف الأرض التي غرست بها، فإذا قلع النخل الموقوف، لزم مَنْ قلعه قيمة ما أتلفه، قال الزرقاني رحمه الله: “وَمَنْ قَلَعَ َشَجرًا أَوْ حَرَقَهُ أَوْ قَطَعَهُ أَوْ ضَيَّعَ أَوْ قَتَلَ حَيَوَانًا أَوْ أَتْلَفَ ثَوْبًا أَوْ كِتَابًا أَوْ مَكْتُوبًا وَقْفًا تَعَدِّيًا فَعَلَيْهِ غَرْسُ بَدَلِ مَا أَتْلَفَهُ” [شرح الزرقاني على مختصر خليل: 7/161]، قال الرهوني رحمه الله: “وَلَيْسَتِ الشَّجَرَةُ كَذَلِكَ، إِذْ لَيْسَ فِي طَوْقِ وَاحِدٍ غَرْسُ شَجَرَةٍ تَأْتِي بَعْدَ غَرْسِهَا مِثْلُ مَا أَتْلَفَ” [حاشية الرهوني على شرح الزرقاني: 7/159].
عليه؛ فالأرض التي غرست فيها النخلات أرضٌ موقوفةٌ، لا يجوز بيعها، فيجبُ عليكم فرزُها بتحديد جزء من مساحة الأرض نصيبًا للوقف -إذا تعذر معرفة مكان غرسها الأول- وهو ما يسع غرسَ اثنتين وعشرين نخلة، على أن تكون جزءًا مِن الموقع الأفضل، ويُستعان في هذا بالمتخصّصين في هذا الشأن، كما يجب توثيق ذلك بمعرفةِ العدول، مثل محرري العقودِ وغيرهم، وإشهاد جماعةٍ مِن أهلِ المنطقة عليه، وعليكم الرجوع إلى القضاء؛ للحصول على قيمة ما أتلفته الدولة من نخلات – تُجعلُ في منافع الوقف كبناء محلٍّ تجاري مثلًا لصالح الوقف- وعليكم تعيين ناظر للوقف إن لم يُعيِّنهُ المحبِّسُ، ويمكن لجماعة المسلمين بالمنطقة من أهل الخير والصلاح وصلاة الجماعة في المساجد، أن تعيِّن ناظرًا للوقف، فهي تقوم مقام القاضي عند فقده حسًّا أو معنى، ويجعل للناظر أجرة من غلة الوقف، حسب العرف المعمول به في تلك الجهة، وعلى ناظر الوقف بعد تعيينه، أن يقوم باستغلال الأرض واستثمارها؛ ليكون لها ريع، وما جاء في وثيقة التحبيس من صرف ريع الوقف على عبد القادر الكيلاني، فيُعملُ به بصرفه في مسجد أو مركز تحفيظ للقرآن، يُعرفُ بهذا الاسم قديمًا أو حديثًا، إن أمكن معرفته، وإلا ففيما يقرب منه، وما هو في معناه، كطلبة القرآن والمعاهد الشرعية والمحتاج وابن السبيل، ولا يصرف في البدع والاجتماعات، بإطعام الطعام على أهل الطريقة ونحوها، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن بن حسين قدوع
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
15//ربيع الآخر//1443هـ
21//11//2021م