بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5202)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
امرأة عاجزة عن الصوم لمرضها بالسكري، ولا تستطيع الصوم إلا بتركيب مضخة للأنسولين (منظم)، وتركيبُ هذه المضخة يسبقهُ ترتيباتٌ فيها كلفة عالية ومشقة، وتبقى صالحةً شهرًا واحدًا، وقد ركبت المرأة المضخةَ، وصامت أيامًا، ثم نزل عليها دم الحيض، فهل يجب عليها تكلّف تركيبِ هذه المضخة مرة أخرى وتحمل مشقتها؛ لقضاء أيام حيضتها؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن المريض إذا كان لا يمكنه الصوم إلا بمشقة بالغة، فإنه يباح له الفطر، ويقضي ما أفطره إذا زال عنه المرض، قال تعالى: ﴿وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 185]، وإذا كان في تركيب مضخة الأنسولين مشقة أو كلفة عالية، كان ذلك في حكم من يشق عليه الصوم، فيكون ذلك عذرًا مبيحًا للفطر.
ولا يقال إنها بتركيب المضخة صارت قادرة على الصوم بلا مشقة، فوجب عليها تركيبها وقضاء أيام فطرها؛ لأن هذا التركيب لمّا كان لا يحصل إلا بمشقة وثمن فاحش، لم يجب ابتداءً، فكما أن فاقد الماء إذا شق عليه طلبه أو كان لا يجد الماء إلا بثمن غير معتاد، فإنه ينتقل للتيمم، ولا يجب عليه طلبه أو شراؤه، كما نقل المواق عن الباجي: “وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُجْهِدَ نَفْسَهُ فِي الْجَرْيِ لِإِدْرَاكِ الْمَاءِ” [التاج والإكليل: 503/1]، فكذلك من لم يجد القدرة على الصوم إلا بمشقة، فلا يجب عليه تحصيلها، وينتقل للإطعام استحبابًا إذا كان عاجزًا عن الصوم، أو القضاء إن كان يقدر على الصوم في زمن آخر، قال الخرشي: “مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ بِوَجْهٍ… يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ يُفْطِرُهُ مُدًّا… أَمَّا لَوْ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ فِي زَمَنٍ أَخَّرَ إلَيْهِ” [شرح الخرشي: 242/2].
عليه؛ فلا يجب على المرأة تكلّف تركيب المضخة لقضاء أيام صومها، وإذا كانت تقدر على الصوم في زمن آخر فإنها تقضي، وإن كانت عاجزة عن الصوم فإنها تطعم استحبابًا، ولا شيء عليها غير ذلك، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
15//ذو القعدة//1444هـ
05//06//2023م