بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4334)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
يدرس ابناي في مدرسة خاصة، وعندما بدأ الفصل الثاني من العام الدراسي الماضي، درسوا مدة ثلاثة أسابيع تقريبًا، ثم توقفت الدراسة بسبب جائحة كورونا، ولم تُستأنف إلى أن أصدرت وزارة التعليم قرارا بترحيل الطلبة إلى السنة التالية، فطلبت إدارة المدرسة من أولياء الأمور دفع 70 % من قيمة الرسوم المستحقة عن الفصل الثاني، فهل يحقّ لها ذلك؟ علما بأن مدة الفصل الدراسي أربعة أشهر.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن كان العقد بين أولياء الأمور وإدارة المدرسة على دفع الرسوم عن هذا الفصل الدراسي كاملًا، ثم حدث مانع أدى لعدم تمكن التلاميذ من استيفاء منفعة التعليم في بقية الفصل، فإن الواجب على أولياء الأمور دفع الرسوم بقدر المدة التي درسها التلاميذ فعلا، وهي الثلاثة أسابيع ولا تستحق إدارة المدرسة أكثر من ذلك؛ لأنه قد حيل بين التلاميذ ومنفعة التعليم التي تستحق المدرسة الأجر نظيرها، قال أبو الحسن القابسي رحمه الله: “وَأَمَّا سُؤَالُكَ عَن مُعَلِّمِ قَوْمٍ نَزَلَ بِهِمْ مَا اضطَّرَهُم ِإلَى الرَّحِيلِ فَرَحَلُوا بَعْضُهُمْ إِلَى مَكَانٍ وَبَعْضُهُمْ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ أَوْ رَحَلَ بَعْضُهُمْ وَثَبَتَ بَعْضُهُمْ فِي الْبَلْدَةِ مَا يَصْنَعُ هَذَا الْمُعَلِّمُ، فَالْجَوَابُ أَنْ يُنظَرَ إِلَى مَا عَاقَدَهُمْ هَذَا الْمُعَلِّمُ عَلَيْهِ فِإِن كَانَ إِنَّما جَلَسَ عَلَى الْمُشَاهَرَةِ شَهْرًا بِشَهْرٍ أَوْ سَنَةً بِسَنَةٍ فَالْحُكْمُ فِيهِ أَن يَتْرُكَ تَعْلِيمَهُم مَتَى شَاءَ وَيَتْرُكُوهُ مَتَى شَاءُوا وَالْحُكْمُ بَيْنَهُم فِيمَا قَدْ عَلَّمَ لَهُمْ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَا قَبْلَ هَذَا فِي الَّذِي لَهُ أَن يُخْرِجَ وَلَدَهُ وَلاَ يُلْتَفَتُ فِي هَذَا الْعَقْدِ إِلَى خُرُوجِهِم كَانَ بِغَلَبَةٍ أَوْ بِغَيْرِ غَلَبَةٍ إِنَّمَا لِلْمُعَلِّمِ بِقَدْرِ مَا عَلَّمَ رَحَلُوا عُنْهُ أَوْ رَحَلَ عَنْهُم، وَلَوْ كَانَ عَقَدَ مَعَهُمْ عَلَى سَنَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ أَشْهُرٍ بِأَعْيَانِهَا نُظِرَ فِيمَا نَزَلَ بِالْقَوْمِ فَإِن كَانَ مَا لاَ يَجِدُونَ مَعَهُ ثَبَاتًا وَلاَ بُدَّ لَهُم مِنَ الرَّحِيلِ عَنْهُ مِمَّا نَزَلَ بِهِم مِن بَلَاءٍ لاَ يُطِيقُونَهُ بِفِتْنَةٍ أَوْ مَجَاعَةٍ فَهُم فِي رَحِيلِهِم مَعْذُورُونَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يَتْبَعُهُم ِفي الْأَسْفَارِ، لَمْ يَسْتَأْجِرُوهُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِن رَجَعُوا فِي بَقِيَّةٍ مِنَ الْمُدَّةِ رَجَعَ إِلَيْهِم فِي تِلْكَ الْبَقِيَّةِ وَسَقَطَ عَنْهُم مِنَ الْأَجْرِ بِحِسَابِ الْأَيَّامِ الَّتِي حِيلَ فِيهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْنَعُوهُ مِنَ السَّيْرِ مَعَهُمْ وَلاَ أَمْسَكُوا أَوْلاَدَهُمْ عَنْهُ طَوْعًا، وَلَيْسَ عَلَيْهِم أَن يَسْتَكْمِلُوا لَهُ الْأَجْرَ وَهْوَ لَمْ يَسْتَكْمِلْ عَمَلَ الْأَجَلَ” [ الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين: ص: 166-167]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
عبد العالي بن امحمد الجمل
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
12//جمادى الأولى//1442هـ
27//12//2020م