بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5223)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أوصت الحاجة (ف)، بأن يجعل ثلث أملاكها لفقراء العروسية، وجعلت الوكيل على ذلك زوجها (ح)، وجعلت الرقيب (م)، فعمل بها، وقبل وفاة زوجها وكّل ابنه ناظرًا من بعده، ووكّل الابنُ ابنَ أخيه مِن بعده، والوصية لا تزال تنفذ، ويخرج ثلث محصول الأرض للفقراء، فهل لأبناء الناظر المتوفى حق في النظارة، أم تُتناقل بالإيصاء؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنَّ اتباعَ شرطِ الْمُوصِي من الأمور التي أوجبها الشرع، ما دام الشرط جائزًا، غيرَ مخالف للشريعة، ومن الشروط الجائزة؛ تعيينُ الناظر على الوقف، قال الدردير رحمه الله: “(وَاتُّبِعَ) وُجُوباً (شَرْطُهُ) أَيِ الْوَاقِفِ (إِنْ جَازَ كَتَخْصِيصِ مَذْهَبٍ أَوْ نَاظِرٍ) مُعَيَّنٍ”، قال الدسوقي رحمه الله: “أَيْ بِأَنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَكُونَ فُلَانٌ نَاظِرَ وَقْفِهِ فَيَجِبُ اتِّبَاعُ شَرْطِهِ وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ الْإِيصَاءُ بِالنَّظَرِ لِغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ ذَلِكَ وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إيصَاءٌ بِهِ فَإِنْ مَاتَ النَّاظِرُ – وَالْوَاقِفُ حَيٌّ- جَعَلَ النَّظَرَ لِمَنْ شَاءَ فَإِنْ مَاتَ فَوَصِيُّهُ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ ” [حاشية الدسوقي: 4/88].
وعليه؛ فالواجب أن يخرج ثلث أملاك المحبِّس ويُصرف في مصرفه المنصوص عليه من المحبس وهم فقراء العروسية، فإن عدم هذا النوع من الفقراء -وهم المنتسبون للعروسية- فيصرف على فقراء المسلمين؛ لأن ما كان لله يصرف بعضه في بعض.
وفيما يتعلق بنظارة الوقف، فإنه لا يجوز لكم تناقل النظارة بينكم دون شرط من الموصي لمن يريد أن يتولى النظارة، ويجب رفع الأمر إلى القضاء؛ ليعين القاضي من يصلح للنظارة من أهل الدين والأمانة، فإن عُدم القاضي جاز لجماعة المسلمين من أهل الخير والصلاح أن يقوموا مقامه وينصبوا ناظرا يتولى أمر الوقف، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد العالي بن امحمد الجمل
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
17/ربيع الأول/ 1445هـ
02/ 10/ 2023م