بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5861)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
نحن شركةٌ، استأجرنا مبنًى يتكون من صالة عرض ومخزن وشقق، جُعلت مكاتبَ للشركة، بعقدٍ مدته عشرُ سنوات، وفي فترة وباء كورونا وكذلك الحروب تعطلَ كل العمل، فهل يحق لي ردّ الإيجار الذي دفعته للمالك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ الأصل في عقد الإجارة أنّه من العقود اللازمة، فيلزم المستأجر دفع جميع الأجرة إذا مكنه المؤجر من الانتفاع بما استأجرهُ، ولو لم يستعمله بالفعلِ، قال الدردير رحمه الله: “وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ مِنَ التَّصَرُّفِ مِنَ الْعَيْنِ الَّتِي اكْتَرَاهَا مِنَ دَابَّةٍ أَوْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَإِن لَمْ يُسْتَعْمَل” [الشرح الكبير: 4/50]، فإن طرأ على العقدِ أمر قاهر يمنع المستأجر مِن استيفاءِ المنفعة، فإنه يجب على المؤجر الحطّ عن المستأجرِ من الأجرةِ، مدة تعذّر استيفائه لمنفعة المحلّ، بقدر مدّة المنع، فإذا ما ارتفع المنع وبقي مدة من الكراء، فعلى المستأجر أن يدفع أجرة المدة الباقية التي تمكن فيها من استيفاء المنفعة، قال الدردير رحمه الله: “وَبِسَبَبِ (مَرَضِ عَبْدٍ وَهَرَبِهِ لِكَعَدُوٍّ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ فِي بَقِيَّتِهِ) أَيْ: الْعَقْدِ أَيْ زَمَنِهِ فَلَا تَنْفَسِخُ وَيَلْزَمُهُ بَقِيَّةُ الْعَمَلِ… وَيُسْقَطُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا عُطِّلَ زَمَنَ الْمَرَضِ أَوْ الْهَرَبِ” [الشرح الكبير: 4/31].
عليه؛ فيجوز للمستأجر الرجوع على المؤجر بما نقده من الأجرة، بقدر تعطل المنفعة في أيام الحظر أو أيام الحرب، أو أي مانعٍ اضطراري يمنع من استيفاء المنفعة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
30 جمادى الأولى 1446هـ
2024.12.01م