بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5796)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أنا امرأة متزوجة، وعندي ثلاثة أبناء، أرغب في كفالة أحد نزلاء دار الرعاية، ولدّي استفسارات أرجو أن أجد الردّ الشافي عليها، وهي:
هل يعدّ “اللقيط” يتيمًا شرعًا، يصدق على كافله أنه كافل يتيم؟ وهل يصح أن يطلق على هذه الكفالة تبنٍّ؟ وهل يصير الطفلُ المكفولُ أخًا لأبناء كافلته إن أرضعته وعمرُه أقلُّ من عامين؟ وأخيرًا؛ هل من إشكالات قانونية مترتبة على هذه الكفالة، من حيث إدراج الطفل في كتيب العائلة، وإصدار جواز سفر له؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنَّ كفالة اليتيم أمرٌ مرغّبٌ فيه شرعًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى) [البخاري: 5304].
ونزلاء دور الرعاية يأخذونَ حكم اليتيم، حتى لو كان بعض آبائهم أحياء؛ لأنهم كالعدم، ومَن يكفل طفلًا منهم يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم؛ لأنَّ المعنى الذي من أجله رتَّب النبي صلى الله عليه وسلم الأجر على كفالة اليتيم -وهو ضعفُه وعدم قدرته على القيام بشؤونه- متحقِّق فيهم؛ بل في كثير من الأحيان تكون حاجتهم للعناية والرعاية أشدّ من حاجة اليتيم؛ لعدم وجود قريب لهم يتفقدهم ويحنو عليهم.
أما إطلاق لفظ “التبني” على الكفالة، فإن كان المراد منه أن يُنسَب المكفول إلى كافله ويحمل اسمَ عائلته، فإنه لا يجوز؛ لقوله تعالى: (ٱدۡعُوهُمۡ لِأٓبَآئِهِمۡ هُوَ أَقۡسَطُ عِندَ ٱللَّهِۚ فَإِن لَّمۡ تَعۡلَمُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَٰلِيكُمۡۚ) [الأحزاب: 5]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ، فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ) [البخاري: 4327].
وإذا أرضعت الكافلةُ الطفلَ المكفول، وكان عمره دون السنتين؛ فإنه يصير بهذا الرضاع ابنًا لها، وأخًا من الرضاعة لجميع أبنائها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ) [صحيح مسلم: 1445].
ولا يشترط للتحريم بالرضاع عددٌ معيّنٌ من الرضعات، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “وَكُلُّ مَا وَصَلَ إلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ فِي الْحَوْلَيْنِ مِنْ اللَّبَنِ فَإِنَّهُ يُحَرِّمُ وَإِنْ مَصَّةً وَاحِدَةً وَلَا يُحَرِّمُ مَا أُرْضِعَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ إلَّا مَا قَرُبَ مِنْهُمَا” [الرسالة: 98].
أما فيما يتعلق بالسؤال عن الإشكالات القانونية المترتبة على هذه الكفالة؛ فيستفسر عنها من الجهة المختصة بذلك، وهي مصلحة الأحوال المدنية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
26// ربيع الأول//1446هـ
29//09//2024م