هل يجبُ على مَن رفض من الورثة دفع المال في تخليص عقار مغصوب دفع ما ينوبه من حصةِ الميراث؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5492)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
نحن مجموعة ورثة نملكُ منزلا مغصوبًا، طلبنا من الغاصب إخلاءَه؛ فأبى الخروج إلّا بعد أن يحصلَ على مبلغ قدره 90 ألف دينار، فرفضَ بعض الورثة، ورأوا أن يستمرّوا في الإجراءات القانونية لإخراجه، ورأى غيرهم أن يوافقَ على طلبه؛ لأن الإجراءات القانونية تأخذ وقتًا طويلًا، ونتائجها غير مؤكدة، وتوصّلوا معه إلى اتفاق، والآن سيدفعونَ له المبلغَ، ويطالبونَ باقي الورثة بتقاسُمه معهم، فهل يجبُ على مَن رفض الدفع في أولِ الأمر أن يدفعَ معهم ما ينوبه من حصةِ الميراث؟ وإذا امتنع عن الدفع ودفع الآخرونَ، فهل يكون له حقٌّ معهم في الميراث، أم لا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالأصل أن يسعى من غُصِبَ منه شيء في ردِّه بالطرق القانونية المشروعة، ولا ينبغي له المبادرة للافتداء بالمال؛ حتى لا يستمرئَ الغاصبون هذا، ويصبح دافعًا لهم للتعدي على ممتلكات الناس.
ولكن إذا دفع بعض الورثة للغاصب مالًا لتخليص العقار المشترك بينهم، جاز لهم أن يأخذوا من باقي الشركاء ما ينوب حصصهم من ذلك المبلغ المدفوع؛ لأن الغنم بالغرم، وقد سئل المشدّالي رحمه الله عن شريكين في فرسٍ أخذها غاصبٌ، فردّ أحدُ الشريكين نصفَه وفدى نصيب الثاني من الغصب، فأجاب: “لِلفَادِي أَخْذُ فِدَائِهِ مِنْ شَرِيكِهِ إِنْ أَرَادَ الشّريكُ أَخذَ نَصيبِهِ فِي الفَرَسِ” [نوازل القصري: 4/452].
عليه؛ فالعقار المغصوب ما دام مشتركًا على الشيوع، وخلّصه أحد الشركاء أو بعضهم، فعلى من أراد أن يأخذ حصته عند بيعه أو قسمته أن يدفع ما ينوبه فيما دُفع عند تخليصه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن بن حسين قدوع
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
01/شعبان/1445هـ
11/فبراير/2024م