بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (م3924)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية الأسئلة التالية:
السؤال الأول: توجد في المسجد عدد من المستلزمات والمعدات المستعملة سابقا، وهي الآن غير صالحة للاستعمال، وبعض منها يحتاج إلى صيانة، وكذلك أغراض أخرى زائدة عن حاجة المسجد، هل يجوز بيع الأغراض الزائدة عن حاجة المسجد، وكذلك الأغراض غير الصالحة للاستعمال، والاستفادة من ثمنها في المسجد؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن ما كان غير صالح من الأدوات المذكورة في السؤال للاستعمال يجوز بيعه وصرف ثمنه في مصالح المسجد، وما كان صالحا للاستعمال كالحصر ونحوها يجوز بيعه إن كان المسجد في حاجة إلى ثمنه ويجوز نقله إلى مسجد آخر محتاج إليه، قال العدوي رحمه الله نقلا عن أبي الحسن الصغير: “…بَيْعُ حُصُرِ الْمَسْجِدِ جَائِزٌ إذَا اُسْتُغْنِيَ عَنْهَا وَكَذَا أَنْقَاضُهُ وَتُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِ انْتَهَى” [حاشية العدوي على الخرشي: 7/95]، وقال الونشريسي رحمه الله: “وسئل عَنْ حُصُرٍ بَالَيِةٍ أُبْدِلَتْ بحُصُرٍ جُدُدٍ هَلْ تُبَاعُ هَذِهِ الْبَوَالِي أَمْ لَا؟ [قال]… وَإِنْ نُقِلَتْ لِمَسْجِدٍ آخَرَ دُونَ بَيْعٍ مَعَ غِنَى هَذَا الْمَسْجِدِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ مَعَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ فَيَجُوزُ عَلَى قَوْلٍ أَفْتَى بِهِ بَعْضُ مَنْ تَقَدَّمَنَا مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ عِلْمًا وَعَمَلًا” [المعيار: 1/163]، والله أعلم.
السؤال الثاني: تمّ بناء صالة مناسبات في ساحة مسجدٍ، وريعها يرجع إلى المسجدِ ومنارةٍ تابعة له، هل هذا الفعل جائز؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فهذه الأرض إن كانت موقوفة ومحبسة لمصالح المسجد، والمسجد الآن مكتمل المرافق لا يحتاجها، فبناء عقار عليها؛ صالة أو غيرها، يعود ريعه للمسجد، هو من مصالح المسجد، لا يتعارض مع الحبسية، وفيه إرفاق بأهل القرية فيما هم محتاجون إليه، قال الونشريسي رحمه الله: “وَسُئِلَ عَنْ دَارٍ مُحَبَّسَةٍ عَلَى مَسْجِدٍ وَهِيَ خَرِبَةٌ, وَأَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يُحْدِثَ فِيهَا مَطْمُورَتَيْنِ لِلزَّرْعِ وَيُعْطِي مِنْ عِنْدِهِ إِجَارَةَ حَفْرِهِمَا وَيُكْرِيهِمَا, وَهَذِهِ مَنْفَعَةٌ لِلدَّارِ وَالْمَسْجِدِ, فَهَلْ يَجُوزُ هَذَا وَيُقْدِمْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ عَلَى الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ بِوَجْهٍ؟ فَأَجَابَ: إِذَا ثَبَتَ لَدَيْكُمْ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الدَّارِ الْمُحَبَّسَةِ الْمَذْكُورَةِ ولا فيه ضَرَرٌ فِي حَفْرِ الْمَطْمُورَتَيْنِ لَا بِحِيطَانِهَا وَلَا بِغَيْرِهَا لَا حَالاً وَلَا اسْتِقْبَالاً فالْكِرَاءُ فِيهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ جَائِزٌ، وَلَا يُقَالُ فِي هَذَا زِيَادَةٌ فِي الْحُبُسِ بِغَيْرِ إِذْنِ مُحَبِّسِهِ فَيُمْنَعُ, وَلَا فِيهِ أَيْضاً مُخَالَفَةٌ لِلَفْظِهِ وَلَا مُنَاقَضَةٌ لِقَصْدِهِ, بَلْ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ حَتَّى يكَاد يُقْطَعُ بِهِ؛ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيّاً وَعُرِضَ عَلَيْهِ هَذَا لَرَضِيَهُ وَاسْتَحْسَنَهُ” [المعيار:78/7]، وينبغي أن يوضع في شروط الإيجار منع ارتكاب المخالفات الشرعية في هذا المبنى، سواء فيما يتعلق بالأفراح أو العزاء، مثل عدم إطعام الطعام لغير أهل الميت في الجلوس للعزاء، وأن يقتصر فيه على ثلاثة أيام، ومنها عدم استعمال المعازف في الأفراح، ولا بد من الرجوع في ذلك كله إلى الجهة المسؤولة، وهي وزارة الأوقاف، والله أعلم.
السؤال الثالث: ما رأي الشارع في إعارة الوقف الذي لا يحتاج إليه في الوقت الحالي، كثلاجات التبريد والمكيفات، للنازحين في المدارس؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن ما كان للمساجد فهو من قبيل الحبسِ، وإذا استغنى عنها المسجد، فإنه يجوز صرفها لمن هم في حاجة شديدة، مثل النازحين أو غيرهم؛ لأنّ ما كان لله يصرف بعضه في بعض؛ قال المواق رحمه الله نقلا عن ابن علاق رحمه الله: “وما كان لله، واستُغنيَ عنه، فجائز أن يستعمل في غير ذلك الوجه؛ ما هو لله” [التاج والإكليل:7/647]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
04/ذو القعدة/1440هـ
07/07/2019م