هل يجوز تقسيم مال الفاقد عقله على أولاده في حياته؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5181)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أمي مصابةٌ بمرض الزهايمر -عافاكم الله- ما أدّى إلى فقدِها العقلَ تمامًا، وهي تملك ذهبًا كانت أودعتْهُ عندي، فهل يجوز قسمته بين جميع أبنائها، أم يباع ويصرفُ منه على دوائها وعلاجها وتمريضها، وغير ذلك؟ علما أن أبناءَها يتناوبون على الاعتناء بها، فهي كلّ يوم عند واحدٍ منهم.
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإنه لا يحلّ مالُ المسلمِ إلا بطيبِ نفسٍ منه، أو باستحقاقٍ شرعي، ولا ينتقلُ الحق في مال المريض إلى ورثته إلا بعد تحققِ موته؛ فقد يمدُّ الله في عمره ويموتُ ورثتُه قبله، وهو يرثُهم، قال القرافي رحمه الله: “وَشُرُوطُ التَّوَارُثِ وَهْيَ مَا يُؤَثّرُ عَدَمُهَا… ثَلَاَثة: تَقَدّم مَوْتِ الْمَورُوثِ عَلَى الْوَارِثِ وَاسْتِقْرَارُ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَهُ…” [الذخيرة: 16/13].
عليه؛ فلا يجوزُ لأبناء هذه المرأة قسمةُ الذّهبِ ولا غيرِه حالَ حياتِهَا، وَعَلَيْهِمْ أَن يَرْفَعُوا أَمْرَهَا إِلَى الْقَاضِي، ليحكم بالحجرِ عليها؛ لفقدِها العقل الحادث مؤخّرًا، ويُعيِّنَ لها من أهلِ الدّينِ والأمانةِ مِن أقارِبِها وَصِيًّا، يَتَوَلَّى رِعَايَةَ مَالِهَا وَفقَ الْمَصلَحَةِ، والنَّفَقةَ عليها مِنهُ بالمعرُوفِ، قال خَلِيلٌ رحمه الله: “الْمَجْنُونُ مَحْجُورٌ لِلْإِفَاقَةِ”، ثم قال: “وَإِنَّمَا يَحْكُمُ: فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ… الْقُضَاةُ”، ثم قال: “وَالْوَلِيُّ الْأَبُ ثُمَّ وَصِيُّهُ ثُمَّ حَاكِمٌ” [المختصر: 172]، وهي وإن كان لها أولادٌ، فإن النفقةَ عليها فيما يتعلقُ بمعيشتها ودوائها وعلاجها، يكونُ مِن مالها ما دامَ لها مالٌ، ولكن لا بدَّ من تنصيبِ مَن يتولى ذلكَ عن طريقِ القضاء، بحيثُ يتم صرفُ المال على الوجهِ المضبوطِ بالشرع، ولا يكونُ عرضةً للخصوماتِ مِن الورثةِ بعد موتها، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
23//شوال//1444هـ
14//05//2023م