بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5150)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
نحن عمار مسجد بريون، بقرية أولاد التركي في تاجوراء، نسأل عن حكم الشرع في زيادة عمق المحراب، بإضافة نصف متر مثلا؛ وذلك لامتلاء المسجد بالمصلين، فلو تمكَّن الإمام من الصلاة في المحراب لاتسعَ المسجد صفًّا، يصلي فيه المأمومون.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فلم يكن المحراب الذي يصلي فيه الأئمة بالمساجد معمولًا به على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في القرن الأول، وإنما ظهر في القرن الثاني، وتتابع المسلمون على بنائه في مساجدهم؛ لما فيه من المصلحة، كدلالة الداخل إلى المسجد على جهة القبلة؛ لذلك فلا حرج في بنائه، وصلاة الإمام خارجه أولى إن اتسع المسجد للمصلين، ويتأكد ذلك إن كانت الصلاة فيه تؤدي إلى تباعده عن المأمومين، فإن ضاق المسجد بالمصلين جاز للإمام الصلاة فيه، قال ابن الحاج المالكي رحمه الله: “وَلَمْ يَكُنْ لِلسَّلَفِ – رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ – مِحْرَابٌ، وَهُوَ مِنَ الْبِدَعِ الَّتِي أُحْدِثَتْ، لَكِنَّهَا بِدْعَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ إذَا دَخَلُوا الْمَسْجِدَ لَا يَعْرِفُونَ الْقِبْلَةَ إلَّا بِالْمِحْرَابِ؛ فَصَارَتْ مُتَعَيِّنة” إلى أن قال: “بَلْ يَنْبَغِي لَهُ [أي الإمام] أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ لَمْ يَضِقْ بِالنَّاسِ فَلَا يَدْخُلُ الْإِمَامُ إلَى الْمِحْرَابِ، فَإِنْ ضَاقَ بِهِمْ فَلْيَدْخُلْ عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَدْخُلْ يُمْسِك بِوُقُوفِهِ خَارِجًا عَنْهُ مَوْضِعَ صَفٍّ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ قَدْ يَسَعُ خَلْقًا كَثِيرًا” [المدخل: 272-273]، فإن ضاقَ المحراب بالإمامِ فلا بأسَ بتوسعته على قدر الحاجة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
22//شعبان//1444هـ
14//03//2023م