بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5278)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
هل يجوز للأب الرجوع في هبة منزلٍ وهبهُ لابنه؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فيجوز للأب إذا وهب لابنه هبةً الرجوعُ في هبته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً، أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا، إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ) [أبوداود: 3539]، ويسمى هذا الرجوع بالاعتصار، ويشترط لجواز اعتصار الأب هبتَه من أولاده شروط:
1- عدم فوات الشيء الموهوب عند الولد الموهوب له، بأن يتصرف فيه بالبيع أو الهبة أو التغيير، فإن فاتت الهبة لم يجز للأب اعتصار الهبة وإرجاعها.
2- عدم التزام الولد لغيره بشيء من الالتزامات المالية بسبب تحصُّلِه على هذه الهبة، كإقدامه على الزواج أو المداينة من الناس، وقد رضي الناس بمداينته لأجلها، فإن حصل شيء من ذلك لم يجز للأب اعتصار الهبة.
3- خلوّ الواهب والموهوب له عند الاعتصار من المرض، لاتهام الواهب بترجيعها لورثته إن كان هو المريض، وإن كان المريضُ هو الموهوبَ له فقد تعلق بها حق ورثته، فمتى كان أحدهما مريضًا لم يجز اعتصار الهبة، إلا أن تكون الهبةُ نفسها وقعت في المرض، فيجوز اعتصارها فيه.
قال خليل رحمه الله: “وَلِلْأَبِ اعْتِصَارُهَا مِنْ وَلَدٍ كَأُمٍّ فَقَطْ وَهَبَتْ ذَا أَبٍ… إِنْ لَمْ تَفُتْ… وَلَمْ يَنْكِحْ أَوْ يُدَايِنْ لَهَا… أَوْ يَمْرَضْ كَوَاهِبٍ، إلَّا أَنْ يَهَبَ عَلَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ أَوْ يَزُولَ الْمَرَضُ عَلَى الْمُخْتَارِ” [مختصر خليل: 215]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
07//صفر//1445هـ
23//08//2023م