هل يجوز للمرأة أن تتنازل عن كامل حقها من تركة والدها دون علم زوجها؟
تنازل عن حق في الميراث
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4446)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
هل يجوز للمرأة أن تتنازل عن كامل حقها من تركة والدها لصالح إخوتها، دون علم زوجها وأبنائها؟ وما الحكم إذا حدث ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن تنازل الزوجة عن ميراثها لإخوتها هو تبرّع منها لهم، وتصرف الزوجة في مالها بعقود التبرعات مقيّد بالثلث، فإذا وهبت أو تصدّقت بزائد على ثلث مالِها دفعة واحدة، كان للزوج الحقّ في ردّ الجميع وإمضائه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ عَطِيَّةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا) [النسائي:3757]، قال الدردير رحمه الله: “(وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (رَدُّ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ مَا تَبَرَّعَتْ بِهِ (إنْ تَبَرَّعَتْ) زَوْجَتُهُ (بِزَائِدٍ) عَلَى الثُّلُثِ، لَا إنْ تَبَرَّعَتْ بِالثُّلُثِ فَدُونَ: أَيْ وَلَهُ رَدُّ مَا زَادَ فَقَطْ أَوْ بَعْضَهُ وَلَهُ إمْضَاءُ الْجَمِيعِ” [الشرح الصغير: 3/ 404].
عليه؛ فينظر إلى نصيبِ الزوجة من ميراثها بالنسبة لجميع مالها، فإن كان الثلث فأقلّ مضى جميع ما تبرعت به، وإن كان أكثر من الثلث فللزوج ردّ جميع ما تبرعت به أو بعضه، وهذا كلّه إن كان تنازل الزوجة لإخوتها عن طيب خاطرٍ منها بأن كان بعد تمكينها من حصتها من المال، أما إن كان مِن قبيل ما يفعله بعضُ الإخوة مع أخواتهم، مِن أخذِ حصّتهنّ بسيفِ الحياء، بعرض حصتها عليها دون أن تمكّن منها، فهو مِن الظلم، وأكل المال بالباطل، فلا يجوز لا في الثلث ولا في أكثر منه، والله تعالى يقول: ﴿وَمَنْ يَّظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا﴾ [الفرقان:19]، ويقول: ﴿يَا أَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِل﴾ [النساء:29]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن ظَلَمَ قيد شِبرٍ منَ الأرضِ طوّقَهُ مِن سَبْعِ أَرَضِين) [البخاري:2453،مسلم:1612]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
22//شعبان//1442هـ
05//04//2021م