بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4503)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
والدتي تحصلت على قرعة الحج لهذا العام، وأنا مرافقٌ لها، ثم توفي والدي في السادس عشر من شعبان من هذا العام، ودخلت في العدة، فهل يجب عليها الذهاب للحج؟ مع العلم أن والدتي كبيرة في السنّ، من مواليد 1926 ميلادي.
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ العدة تجب على المرأة إذا مات زوجها؛ لقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾ [البقرة: 232]، ولا يحل للمعتدة خلال هذه العدة الخروج من بيتها، حتى تنقضي عدتها، إلا لعذر، أو حاجة، ويكون خروجها نهارًا، و يجب عليها المبيت في بيتها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للفريعة: “امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ” [الموطأ: 1254]، وفي الموطأ: “عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لاَ تَبِيتُ الْمُتَوَفَى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَلاَ الْمَبْتُوتَةُ، إِلاَّ فِي بَيْتِهَا” [الموطأ: 2197]، ويدخل في ذلك السفر، ولو كان لأداء فريضة الحج، فقد جاء في موطأ الإمام مالك رحمه الله: “أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَرُدُّ الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ مِنْ الْبَيْدَاءِ يَمْنَعُهُنَّ الْحَجَّ”، قال أبو الوليد الباجي رحمه الله: “قَوْلُهُ إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَرُدُّ الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ مِنْ الْبَيْدَاءِ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى اعْتِدَادَ الْمَرْأَةِ فِي مَنْزِلِ زَوْجِهَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَازِمًا لَهَا فَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ فِي حَجٍّ وَلَا غَيْرِهِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا” [المنتقٍى شرح موطأ مالك: 4/138].
وعليه؛ فلا يجوز لوالدتك الذهاب للحجّ هذا العام، ويمكنك مراجعة مكتب شؤون الحج؛ حتى يتم تأجيلُ موعدها إلى العام القادم، وينبغي للجهات المختصة أن تراعي مثل هذه الحالات، الممنوعة من السفر بالشرع، وتمكنهم من الحج، في عام قابل، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلم.
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
28//رمضان//1442هـ
10//05//2021م