بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4291)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
طلبتُ من زوجتي تركَ العمل، وعدمَ زيارة صديقاتها، غير أنها مصرةٌ على ذلك، بدعمٍ من أبيها، بحجة أنه اشترط علينا قبل الزواج أن تعمل، ويتدخل في شؤوننا بفرضِ آرائه، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن كان الحالُ كما ذكر، فإنّه لا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها لغير ضرورةٍ، إلاّ بإذنه، ويجب عليها طاعته في المعروف، قال تعالى: (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) [النّساء: 34]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ) [البخاري: 6830]، ولا يحل لها طاعة أهلها فيما يغضب ربها ويوجبُ سخطَه، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: (لاَ طَاعَةَ لمَخلُوقٍ فِي مَعصِيَةِ الخَالِقِ) [مسند أحمد: 1095]، وللزوج أن يمنع زوجته من الذهاب للعمل، ومن زيارة مَن يكره، إنْ رأى في ذلك ضررًا يعودُ عليها، أو على بيتها وأولادِها، وهو الذي يقدر المصلحة في خروجها مِن عدمه؛ لأن الله تعالى جعل له القوامة، قال الله عز وجل: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) [النساء: 34]، ولأنه الراعي على أهل بيته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهمْ) [البخاري: 7138]، واشتراط ما ذكر من الإذن بالعمل ونحوه قبل العقدِ، من الشروط المكروهة، وقد نصَّ مالك رحمه الله على كراهته، وقال: لا يعقد النكاح على الشروط، وإنما يعقد على دِين المرأة ومروءتها، فلا ينبغي التقيد بهذه الشروط، إذا كان في التقيد بها ضرر يعود على المرأة والأسرة، على نحو ما سبق، وهو ما عناه الونشريسي رحمه الله في قوله: “سُئِلَ عَمّنْ تَزَوَّجَ مَاشِطَةً، وَاشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ أَنْ لاَ يمنعها من صنعتها، وقَبِل ذلك منها، ثم أراد منعها من ذلك، فأجاب: لا يلزمه الوفاء بالشرط” [المعيار: 336/1].
ولا ينبغي لوالد الزوجة تحريضُ ابنته والوقوف بجانبها في عصيانِ الزوج، ومساندتها على ما يخلّ بحقوقه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا) [أبو داود: 2175]، والتخبيب: إفساد العلاقة بين الزوجين، بل الواجب عليه إصلاحُ ذات بينهما؛ قال تعالى: (فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ) [الأنفال: 1]، كما أن على الزوج أن يوفر النفقة لزوجته، وتشمل الإطعام والكسوة والسكنى وآلة التنظيف، ونحوها. [ينظر: عقد الجواهر الثمينة لابن شاس: 2/595-601]، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
07//ربيع الآخر//1442هـ
22//11//2020م