هل يرث المطلق مطلقته المعتدة منه في خلع حال وفاتها في العدة؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4950)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
حصل خلافٌ بين أختي وزوجها، فطالبتْ بالطلاق، وتنازلتْ عن حقها في نفقة العدة ومتعة الطلاق، وكانت أصيبت بمرضِ السرطان -عافاكم الله- فأعطاها زوجها صداقها المؤخر، وطلقها في المحكمة طلقةً واحدةً، وذلك يوم: 2022/6/15م، وهي الطلقة الأولى، فأقامت هي وولداها مع والدتي، ثم توفيت رحمها الله بعد أسبوع، وذلك يوم: 2022/6/21م، فهل يرثها زوجها، أم لا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنَّ الطلاق الذي حصل معه تنازل من قبل الزوجة عن شيء من حقوقها، يعدّ خلعًا، ولو لم يقصد الزوج الخلع، واعتقد أنه رجعي، قال تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: 229]، جاء في العمل المشكور: “الطَّلَاقُ إِنْ كَانَ وَقَعَ عَلَى عِوَضٍ وَلَوْ صُورَةً؛ يَكُونُ بَائِنًا تَمَّ الْعِوَضُ لِلزَّوْجِ أَمِ لَا، قَالَ خَلِيلٌ: وَبانَتْ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ نَصَّ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَإِنْ كَانَ اعْتِقَادُهُ أَنَّ ذَلِكَ الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ لاَ يُفِيدُهُ شَيْئاً مَا لَمْ يَحْكُمْ لَهُ بِصِحَّةِ الِارْتِجَاعِ حَاكِمٌ يَرَى ذَلِكَ” [العمل الشكور في جمع نوازل تكرور، للغلاوي الشنقيطي: 485/1]، وطلاق الخلع لا رجعة فيه إلا بعقد جديد ومهر وولي، ولو افترضنا أن المرأة حين طلبت الطلاق كان حالها حال المريض في مرض الموت، فإن طلبها الخلع من الزوج لا يجوز، ولا يجوز له إجابتها إليه حالَ مرضها، فإنْ أجابها إليه وخالعها؛ لزمهما الطلاق، وكان طلاقا بائنا، فلا يتوارثان بعده، قال الدردير رحمه الله: “(وَلَمْ يَجُزْ) (خُلْعُ الْمَرِيضَةِ) مَرَضاً مَخُوفاً، أَيْ: يَحْرُمُ عَلَيْهَا، وَكَذَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُعِينٌ لَهَا عَلَى ذَلِكَ… وَنَفَذَ الطَّلَاقُ وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ مَاتَتْ فِي عِدَّتِهَا” [الشرح الكبير: 354/2].
وعليه، فإن كان الحال كما ذكر في السؤال؛ فليس للزوج حق في ميراث زوجته؛ لأنها بانت منه بالطلاق الذي أوقعه على وجه الخلع: لكونها تنازلت له عن شيء من حقوقها، وصارت أجنبيةً منه، فلا يدخلُ في جملة ورثتها، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
02//صفر//1444هـ
29//08//2022م