طلب فتوى
الأسئلة الشائعةالصلاةالعباداتالفتاوى

هل يصلي المسافر قصرا في بلده الأصلي؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5883)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أنا المواطن (ق)، ولدتُ في مدينة الخمس، ولكني قررت أن أنتقل بأسرتي للإقامة في طرابلس منذ زمن، فصارت هي محل عملي وإقامتي بأهلي، وأذهب إلى الخمس أحيانًا لزيارة والدَيَّ، فأبقى فيها اليومين والثلاثة، ثم أرجع إلى طرابلس، علمًا أني أملك منزلا في الخمس، فهل يكون لي حكم المسافر حين أذهب للخمس، من حيث الصلاة والصيام، أم حكمي حكم المقيم في المدينتين؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فمَن خرج من بلدته ناويًا ترك السكن فيها والانتقالَ لغيرها، فإنها لم تعد وطنًا له، فيجوز له إذا جاءها اليوم واليومين أن يقصرَ الصلاة، قال خليل رحمه الله: “فإن تقدم للمسافر استيطان بمحل، ثم سافر من موضع استيطانه ناوياً العودة إليه لقضاء حاجته في يومين… اختَلَف قولُ مالك في اليومين اللذين يقيم فيهما، والذي رجع إليه واختاره ابن القاسم القصر؛ لأنه قد رفض الاستيطان، وعودةٌ مِنْ غَيْرِ نية الاستيطان لا توجب الإتمام” [التوضيح: 2/29]، قال ابن عبد السلام: “وهو الحق” [تنبيه الطالب: 1/412].

ووجود الوالدين في بلده الأول وامتلاكُه للعقار، لا يعطيه حكم المقيم فيه -ما دام لم ينو الإقامة أربعة أيام- وإنما يعد مقيمًا إذا كان له فيها زوجة قد دخل بها، قال ابن الحاجب رحمه الله: “وَالْوَطَنُ ‌هُنَا: مَا فِيهِ زَوْجَةٌ مَدْخُولٌ بِهَا… بِخِلافِ وَلَدِهِ وَخَدَمِهِ” [جامع الأمهات: 118].

والموضع الذي يجوز فيه القصر يجوز فيه الفطر، قال الدسوقي رحمه الله: “يَجُوزُ لِلصَّائِمِ الْمُسَافِرِ الْفِطْرُ وَلَوْ أَقَامَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً بِمَحَلٍّ مَا لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، كَالصَّلَاةِ” [حاشية الدسوقي: 1/534].

ولكن الفطر في السفر مكروه، بخلاف قصر الصلاة فإنه يُسنّ، قال الدسوقي رحمه الله: “يُنْدَبُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَصُومَ فِي سَفَرِهِ الْمُبِيحِ لِلْفِطْرِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (‌وَأَن ‌تَصُومُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ)[البقرة: 184]، وَيُكْرَهُ ‌الْفِطْرُ، وَأَمَّا ‌قَصْرُ ‌الصَّلَاةِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ إتْمَامِهَا” [حاشية الدسوقي: 1/515].

عليه؛ فيُسَنّ للسائل إذا رجع إلى مدينة خ، ونوى البقاء أقل من أربعة أيام؛ أن يقصر الصلاة، ويُكره له أن يفطر إن كانَ ذلك في رمضان، ولو أفطر لا شيء عليه، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

23/جمادى الآخرة/1446هـ

25/ديسمبر/2024م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق