بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5627)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أنا فلاح، وأتعامل مع محل لبيع المبيدات والمغذيات الزراعية، وقد اتصلت بصاحب المحل وطلبت منه مُغَذِّيًا من نوع خاص، ثم أرسلْتُ إليه عامل التوصيل لاستلامها وتوصيلها إلى الأرض، وقام العامل بالأرض باستعمالها في محصول لثمرة (البطاطا) نعمل على زراعته، ففسد المحصول قبل طِيبِه، بسبب المغذي الذي أرسله صاحب المحل، وقد تبين أنه نوع غير النوع الذي طلبتُه، وقد أقر صاحب المحل بذلك، وأقرّ بأن النوع الذي أرسله فاسدٌ، فهل يضمن هذا البائع شيئًا من المحصول؟ علما أن رأس مال المحصول (40000 د.ل)، وبسبب المغذي الفاسد لم أبع منه إلا بقيمة (20000 د.ل)، وأقلُّ ما يباع به مثل هذا المحصول (65000) د.ل.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن من أتلف مالًا أو عرضًا أو زرعًا لغيره؛ يلزمه ضمان قيمة ما أتلفَ يوم الإتلاف، أو ضمان مثله، سواء كان إتلافه عمدًا أو خطأً؛ “لِأَنَّ الْعَمْدَ وَالخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ” [الذخيرة: 6/131].
والواجب على من أتلف زرعًا لغيره، إذا كان الإتلافُ قبل طِيب الزرع وبُدُوِّ صلاحه؛ أن يضمنَ قيمة الزرع على الرجاء والخوف، بأن يُقوِّمه أهل المعرفة تقويمًا واحدًا؛ فيقال لهم: ما قيمة هذا الزرعِ على تقدير نضجِهِ وسلامته كلّه، مع تقدير فسادِهِ وجائحتِه كلِّه أو بعضِه؟!، فما قدّره أهلُ المعرفةِ لازمٌ للمُتْلِف، وإن كان الإتلافُ بعد طيبِ الزرع؛ لزمَ المُتْلِفَ قيمتُه على حاله يومَ الإتلافِ، سئِل عليش رحمه الله عن رجلٍ تعدى على بصل لآخر أو جزر، فأجاب: “إنْ تَعَدَّى عَلَى الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ؛ أُغْرِمَ قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّعَدِّي عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ – ثم نقل عن العدوي رحمه الله قوله: فَهُوَ يُقَوَّمُ تَقْوِيمًا وَاحِدًا مَنْظُورًا فِيهِ لِحَالَتَيْنِ – ثم قال: وَإِنْ تَعَدَّى بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ أُغْرِمَ قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّعَدِّي عَلَى الْبَتِّ” [فتح العلي المالك: 2/179].
وعليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فالواجب على صاحب المحل المذكور ضمان ما تسببَ في إتلافِه مِن محصولِ الزرع، وحيثُ إن الإتلافَ وقع قبلَ بُدُوِّ الصلاح؛ فيلزمُه ضمانُ قيمة الزرعِ على الرجاءِ والخوفِ كما سبق، بعد خصمِ المبلغِ الذِي تمكنَ صاحبُ المحصولِ من البيعِ به، وهو (20000 د.ل)، ومعنى الضمان على الرجاء والخوف أن ينظر إلى الأمر الوسط في قدر هذا المحصول، فلا ينظر إلى محصوله وقت التقويم أنه مكتمل لم تصبه آفة، ولا ينظر إليه على أن الآفة قد أضرت به ضررا بَيِّنًا، بل ينظر إلى الحالة الوسط في مثله، وتلزم البائع القيمة بناء على ذلك، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
05//ذو القعدة//1445هـ
14//05//2024م