طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوىالنكاح

هل يقع الطلاق بلفظ اليمين الكاذبة؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5304)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

حلفت لزوجتي قديمًا عام 2000م، لمنعها من الخروج، فقلت لها: (والله تطلعي من الشقة فأنت طالق) وكنّا حينئذ مقيمين بالخارج، ولا أتذكر سبب المنع، فأصرَّت على موقفها وخرجَتْ، ثم سألتُ عن حالتي، فأُخبِرتُ بأن عليَّ أن أعقد عليها عقدًا جديدًا، فأرجعتها بعقدٍ جديدٍ، ثمّ في عام 2015م غضبتُ منها، فحلفت لها قائلا: (عليَّ اليمين هذه البريزة خير منك)، وبقيتُ معها طيلةَ هذه الفترة، إلى يومِنا هذا، فهل ذلك اليمين يمين طلاق؟ وما حكم زواجنا الآن؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن الطلاق المعلّق على شيء، يقع إذا وقع المعلَّق عليه؛ لما جاء عن نافع رحمه الله أنه قال: “طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ البَتّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: إِنْ خَرَجَتْ، فَقَد بُتّتْ مِنهُ، وَإِن لَمْ تَخْرُج، فَلَيْسَ بشَيءٍ” [البخاري معلقا: 7/45]. وإذا لم تخرجِ المرأةُ من العدةِ، فللزوجِ إرجاعُها بغير عقدٍ جديد.

وأما الحلفُ بلفظ (عليَّ اليمين) فهو حلف بالطلاق؛ لأن اليمين ينصرف إلى الطلاق في عرفِ البلد، والحلف بالطلاق مكروهٌ، وهو مِن أيْمانِ الفسَّاق، التي تقدحُ في المروءةِ والشهادة، ولا يحلفُ المسلمُ إلَّا بالله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ) [البخاري:2533]، وحَلِفُ الزوج بأن هذا الجمادَ المذكور خيرٌ من زوجه هو يمين كاذبةٌ، يأثمُ صاحبها للكذب؛ لأنَّ الله تعالى كرَّم بني آدمَ على سائرِ المخلوقات، ويلزمُه منه الطلاق، قال الحطاب رحمه الله: “الْغَمُوسُ تَكُونُ فِي الطَّلَاقِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَأْثَمُ فِي الْحَلِفِ بِهَا وَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ” [مواهب الجليل:3/267].

وحيثُ إنَّ السائلَ تمادَى في معاشرة زوجته معاشرة الأزواجِ، بعد وقوع الطلاق؛ جهلًا منه بوقوعه، فإنّ ذلك يعد رجعةً؛ بناءً على ما ذهب إليه ابنُ وهب رحمه الله من علماءِ المالكية.

وبذلك يكونُ الزوج قد أوقعَ طلقتين على زوجته، ولم يبقَ له غير طلقةٍ واحدةٍ، إذا أوقعها بانتْ منه زوجتهُ بينونةً كبرى، فعليه أن يضبطَ نفسه، ويحرص على عدم التلفظ بالطلاقِ مرة أخرى؛ لأنه إن فعل لا تحل المرأة حتى تنكح زوجا غيره، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

25/صفر/1445هـ 

2023/09/10م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق