بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5050)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أنا (م)، طلقتُ زوجتي طلقتين رجعيتين من قبلُ، وأرجعتُها في العدة، ثم بعد مدة -وفي حالة غضب شديد لم أتمالك معه أعصابي- طلقتُها الطلقةَ الثالثةَ، وقلت لها بالتحديد: (أنت طالق بالثلاثة)، علما أنّي أتذكر هذا اللفظَ ومتيقنٌ منه، فهل هذا الطلاق واقع؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الزوج إذا أوقع الطلاق بلفظه الصريحِ، وكان واعيًا لما يقوله؛ فإن الطلاق واقعٌ، ولو كان في حالة غضبٍ شديدٍ؛ لحديث خولة بنت ثعلبة امرأة أوس بن الصامت رضي الله عنهما: (أنّها رَاجَعَتْ زَوْجَهَا، فَغَضِبَ، فَظَاهَرَ مِنْهَا، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ وَضَجِرَ… فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ الظِّهَارِ، وَأَمَرَهُ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم بالكَفَّارَةِ) [ابن ماجه:2063]، فوقع منه الظهار رغم شدة غضبه، ولم تسقط عنه كفارته، والطلاق كالظهار، وقال الصاوي رحمه الله: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الغَضْبَانِ، وَلَو اشْتَدَّ غَضَبُهُ” [بلغة السالك:351/2].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فالزوج قد استنفد الطلقات الثلاث، وبانت منه المرأة بينونة كبرى، ولا تحل له زوجته حتى تنكح زوجًا غيره -نكاح رغبة- ثم يطلقها، أو يموت عنها؛ لقول الله تعالى: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: 228]، قال ابن عبد البر رحمه الله: “وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ، فَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا الثَّالِثَةَ، لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ” [الاستذكار: 158/18]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن بن حسين قدوع
عبد العالي بن امحمد الجمل
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
20//جمادى الأولى//1444هـ
14//12//2022م