بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4495)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تشاجرت مع زوجتي، وأنا مريض بالسكري، وغضبت منها غضبًا شديدًا، وأخبرتني أني قلت لها: أنت طالقٌ بالثلاثة، وأنا لا أذكر، فلم أكنْ في وعْيِي، وقد استفتيت شيخًا بعدها، وقال إنه لا يلزمُني شيءٌ، ولكن قامَ أخو زوجتي بعد ذلك بإرجاعِها لبيتِ أهلها، فهل يقع الطلاقُ المذكور؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن العقل هو مناطُ التكليف والمؤاخذة بالأقوال والأفعال، فإذا كان المطلِّقُ يعي ما يقول، ويقصد ما تكلم به، فالطلاق واقعٌ، وأما إن كان المطلق شديد الغضبِ وقتَ الطلاقِ، إلى درجةٍ لا يعي فيها ما يقولُ، ولا يشعرُ بما صدرَ منه؛ فالطلاق لا يقع؛ لأنه صار في حكم المجنونِ فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يَفِيقَ) [الترمذي: 142]، وقال الصاوي رحمه الله: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ، وَلَوْ اشْتَدَّ غَضَبُهُ، خِلَافاً لِبَعْضِهِمْ، وَكُلُّ هَذَا مَالَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ، بِحَيْثُ لاَ يَشْعُرُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ” [بلغة السالك: 2/351].
وعليه؛ فإن كان الحال ما ذكر، وكنت لا تذكر ما صدر منك لشدة الغضب، ولم تعِ ما تلفظتَ به، حتى أُخبرتَ به بعد ذلك، فالطلاقُ غير واقع، ولا يلزمكَ شيءٌ، وأمّا إنْ كنتَ وقتَ الطلاقِ تعِي ما قلتَ مع غضبِك، فالطلاقُ واقعٌ، وتكون زوجتُك قد بانتْ منك بينونةً كبرَى، فلا تحِلُّ لك إلا بعد زوجٍ، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
(أعطيت هذه الفتوى بناء على طلب المستفتي وإقراره بأن القضية موضوع الفتوى ليست معروضة على القضاء، وإذا ثبت خلاف ذلك فتعد الفتوى ملغاة، ويخضع صاحبها للمساءلة القانونية)
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
21//رمضان//1442هـ
03//05//2021م