بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4876)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أنا السيد ع، حدث شجار بيني وبين زوجتي في شهر رمضان، وكان سبب الشجار أني أمرت زوجتي بإعداد الفطور لضيفٍ، وهو جارٌ سكن حديثًا، فلما علمت بهوية الضيف رفضتْ ذلك، فاشتدَّ الشجارُ حتى فقدت الشعور، ولم أعلم ما تلفظتُ به حينها، ثم خرجتُ لشراء بضاعةٍ لعل زوجتي تغير رأيها، وعندما رجعتُ وطلبتُ منها أن تعدّ الفطور أخبرتْني أني طلقتها، فهل يقع هذا الطلاق؟ علما أن هذه هي الطلقة الثالثة.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن العقل هو مناطُ التكليف والمؤاخذة بالأقوال والأفعال، فإذا كان المطلِّقُ يعي ما يقول، ويقصدُ ما تكلم به، فالطلاق واقعٌ، وأما إن كان المطلقُ شديدَ الغضبِ وقتَ الطلاقِ، إلى درجةٍ لا يعي فيها ما يقولُ، ولا يشعرُ بما صدرَ منه؛ فالطلاقُ لا يقع؛ لأنه صار في حكم المجنونِ فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ) [الترمذي: 142]، وقال الصاوي رحمه الله: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ، وَلَوْ اشْتَدَّ غَضَبُهُ، خِلَافاً لِبَعْضِهِمْ، وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ، بِحَيْثُ لاَ يَشْعُرُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ” [بلغة السالك: 2/351].
عليه؛ فإن كان السائل وقت وقوع الطلاق قد بلغ به الغضب مبلغًا، بحيث لم يعِ ما وقع منه، فلا يلزمُه الطلاق، أما إنْ كان غضبُه دون ذلك، وهو مدركٌ لما وقعَ منه؛ فالطلاق قد لزمه، وقد بانتْ منه زوجته بينونةً كبرى، ولا يحلُّ له إرجاعُها حتى تنكحَ زوجًا غيره، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
19//ذي القعدة//1443هـ
19//06//2022م